كله عند الكوفيين من كلام واحد ؛ وذلك أنّ هذه الحروف صارت صلة للفعل الذي قبلها ، واتّصل الفعل بالاسم الذي قبله ، فصار في موضع خبر ، وارتفع الاسم بما عاد عليه من ذكره ، وهو كلّه عند البصريين على الابتداء والخبر جائز. فإن قلت : لزيد أكل طعامك ، لم يجز تقديم شيء مما بعد اللّام عليها ؛ لأنها حاجزة فاصلة. ولو قلت : طعامك لزيد أكل ، لم يجز أن تقدّم مفعول الخبر على اللّام ، ولا يتقدّم مفعول ما بعد اللّام عليها إلّا في خبر إنّ في قولك : إنّ زيدا لآكل طعامك ، فإن قدّمت الطعام / فقلت : إنّ زيدا طعامك لآكل ، كان ذلك جائزا عند البصريين والكوفيين معا ، قالوا : لأنّ دخول اللّام وخروجها سواء ، ألا ترى أن قولك : إنّ زيدا آكل طعامك ، وإن زيدا لآكل طعامك ، سواء. هذا احتجاجهم جميعا في إجازة هذا (١). وعندي أنّ الأمر على خلاف ما ذهبوا إليه ، ولو كان كذلك لوجب إجازة تقديم المنصوب بخبر الابتداء على لام الابتداء في قولك : لزيد آكل طعامك ، فكان يلزم أن يقال : طعامك لزيد آكل ؛ لأنّ دخول هذه اللام وخروجها سواء ، كدخولها في خبر إنّ وخروجها ، فجاريت في ذلك أبا إسحاق الزّجاج (٢) فقال : لام
__________________
(١) وانظر الإنصاف ، المسألة : ٥٨ والمغني ١ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٢) هو شيخ الزجاجي ، وقد تقدمت ترجمته في ص ٤٣.