و (مِنَ الزَّاهِدِينَ) تبيينا لا صلة للّذي ، وإذا كان تبيينا جاز تقديمه لأنه ليس في الصلة (١) ، وعلى هذين التأويلين تأوّلوا قول الشاعر :
تقول ، وصكّت صدرها بيمينها : |
|
أبعلي هذا بالرّحى المتقاعس (٢) |
أحدهما أن تكون الألف واللّام في المتقاعس للتعريف ، لا بمعنى الذي كما ذكرنا ، فجاز تقديم بالرّحى عليه. والآخر أن يكونا بتأويل الذي ، ويكون بالرّحى تبيينا كأنه قال : أبعلي هذا المتقاعس ، وتمّت صلة الذي ، جعل بالرّحى تبيينا فجاز تقديمه لذلك.
__________________
(١) وانظر تفصيل رأي المبرد هذا في الكامل ١ : ٣٥.
(٢) من أبيات استحسنها المبرد ورواها في الكامل (١ : ٣٥) وقال إنها لأعرابي من بني سعد بن زيد مناة ، وفي لسان العرب (مادة : ردع) بيت منها منسوب إلى نعيم ابن الحارث السعدي. وانظر الخصائص ١ : ٢٤٥ ، ورغبة الآمل ١ : ١٤٢. قال أبو العباس : «قوله : المتقاعس ، إنما هو الذي يخرج صدره ويدخل ظهره ... وقوله : بالرّحى المتقاعس ، لو أراد : الذي يتقاعس بالرحى ، لم يجز ؛ لأن قوله بالرحى من صلة الذي ، والصلة من تمام الموصول ، فلو قدّمها قبله لكان لحنا وخطأ فاحشا ، وكان كمن جعل آخر الاسم قبل أوله ، ولكنه جعل المتقاعس اسما على وجهه ، وجعل قوله بالرحى تبيينا بمنزلة لك التي تقع بعد قولك سقيا ، وبمنزلة بك التي تقع بعد مرحبا ، فان قدّمتها قبل سقيا ومرحبا فذلك جيد بالغ ، تقول : بك مرحبا وأهلا ، وتقول : لك حمدا ، ولزيد سقيا.» الكامل ١ : ٣٥.