في هذا الموضع فقيل : وأيّ فائدة في إدخال الباء في خبر (ما) و (ليس) في قولك : ما زيد بقائم / وما عبد الله بقائم؟ ونحو قوله : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(١)(وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(٢) و (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ)(٣) وما الفائدة في إدخال الباء هاهنا؟ فكان جواب النحويين كلّهم في ذلك أن قالوا : أدخلت الباء في الخبر مشدّدة للنفي مؤكّدة له. وقال الزّجاج : هذا قول جيّد ، والّذي عندي فيه أنّ الباء تؤذن بالنفي ، وتعلم أنّ أوّل الكلام منفيّ ، لأنه يجوز أن يسمع السامع إذا قيل له : ما زيد قائما ، آخر الكلام دون أوّله لإغفاله عنه وشغل قلبه ، فيجوز أن يظنّه محقّقا
__________________
إن عبد الله قائم ، جواب عن سؤال سائل ، وقولهم : إن عبد الله لقائم ، جواب عن إنكار منكر قيامه ، فقد تكررت الألفاظ لتكرر المعاني ، قال : فما أحار المتفلسف جوابا.» دلائل الإعجاز : ١٦٩ (ط مصر سنة ١٣٣١ ه).
(١) سورة الزمر ٣٩ : ٣٦.
(٢) تتمة الآية : (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ.) يوسف ١٢ : ١٧.
(٣) الآية : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.) إبراهيم ١٤ : ٢٢. والمصرخ : من يزيل سبب الصراخ أي المغيث ، يقال : استصرخت فلانا فأصرخني ، أي أغاثني بازالة سبب صراخي. ذلك أن من معاني وزن (أفعل) السلب والإزالة ؛ تقول : أعتبه ، أي أزال سبب عتبه ، وأقذى عينه : أزال قذاها.