أمّا إدخال اللّام في خبر إنّ دون سائر أخواتها ، فلأنّ إنّ داخلة على المبتدأ والخبر ، محققة له ، غير مزيلة لمعناه ، وهذه اللّام هي لام الابتداء الداخلة للتوكيد ، فجاز دخولها على خبر إنّ وحدها لمّا لم تغيّر معنى الابتداء. ولم تدخل على سائر أخواتها لأنّها تغيّر معنى الابتداء لما تدخل عليه من المعاني نحو دخول كأنّ للتشبيه والاستفهام والتقريب ، وليت للتمنّي ، ولعلّ للترّجي والتوقّع ، واستدراك لكنّ بعد الجحد (١).
وأما لزوم اللام في الخبر دون الاسم فإنّ أصلها كان قبل أن يقال : إن زيدا لقائم ، كان : لإنّ زيدا قائم (٢) ، فاستقبحوا الجمع بين حرفين مؤكّدين ، فجعلوا إنّ في الابتداء واللّام في الخبر ليحسن الكلام ويعتدل (٣).
__________________
(١) على أن الكوفيين يجيزون دخول اللام في خبر لكن ، فيقولون : ما قام زيد لكنّ عمرا لقائم. ويستشهدون بقول الشاعر : ولكنني من حبها لكميد. وانظر المسألة : ٢٥ من كتاب الإنصاف.
(٢) في الأصل : (كان قبل أن يقال كان إن زيدا لقائم لإن زيدا قائم ..) وقد رأينا تأخير كان الثانية ليتضح الكلام.
(٣) قال ابن هشام في ذكر فائدة لام الابتداء : إنها تؤكد مضمون الجملة ، ولهذا زحلقوها في باب إن عن صدر الجملة كراهية ابتداء الكلام بمؤكدين. وانظر المغني ١ : ٢٥١.