فإن قال قائل : فهلّا جعلت اللّام في الاسم وإنّ في الخبر؟ قلنا : ذلك غير جائز لعلّتين : إحداهما أنّ (إنّ) عاملة ، فلو جعلت (إنّ) في الخبر كان يلزم أن يتقدّم اسمها عليها منصوبا ، وذلك غير جائز فيها لضعفها وامتناعها من التصرّف. والأخرى أنه لو نصب بها ما يليها ورفع ما قبلها كان قد تقدّمها مرفوعها وجعل منكورا وخبرها معروفا ، وكلّ ذلك غير جائز فيها ، فجعلت (إنّ) في الاسم لتنصبه ولا يبطل عملها ، وجعلت اللّام في الخبر لأنه موضع قد يقع فيه ما لا تؤثر فيه (إنّ) نحو الفعل الماضي والمستقبل وحروف الخفض والجمل.
وأما جواز دخول هذه اللّام في الخبر وخروجها ، فإنّ ذلك على مذهب سيبويه والبصريين إنّما جاز لأنّها زيادة في التوكيد ، ومشدّدة تحقيق (إنّ) ، والزيادة في التوكيد جائز أن يؤتى بها وجائز ألّا يؤتى بها ، فإذا أتي بها كان أشدّ للتوكيد وأبلغ ، وإذا لم يؤت بها كان في (إنّ) كفاية. وأمّا على مذهب الفرّاء ، وهو مولّد من هذا المذهب ، فليس دخولها وخروجها سواء ؛ لأنّ الكلام عنده ، يقع جوابا للنفي ؛ فقولك : إنّ زيدا قائم ، جواب من