قال : ما زيد قائما. وقولك : إنّ زيدا لقائم ، جواب من قال : ما زيد بقائم ، وقد مضى شرح هذا فيما مضى من الباب (١). وإنّما قلنا إنّ هذا المذهب مأخوذ من مذهب سيبويه لأنّ قولك : ما زيد بقائم / أشدّ توكيدا للنفي من قولك : ما زيد قائما ، فكذلك دخول اللّام في الجواب وخروجها.
وأمّا سؤال من قال : هلّا اكتفي بتوكيد (إنّ) وحدها ، فقد مضى الجواب عنه ، وهو أنّها ـ أعني اللّام ـ زيادة في التوكيد ، وتشديد له ، فلذلك جاز الإتيان بها وحدها ، ولهذا نظائر في العربيّة ؛ كقولك : قام القوم كلّهم أجمعون ، وأحد التوكيدين يغني عن الآخر ، وكذلك : مررت بزيد نفسه عينه ، ورأيت الرجلين أنفسهما أعينهما ، كلّ ذلك تشديد للتوكيد ، وفي واحد منه كفاية. وقد قال البصريون ، لمّا كانت إنّ مؤكّدة للجملة واللّام مؤكدة للخبر جاز الجمع بينهما ، لأنّ (إنّ) توكيد للخبر عن زيد ، وقد أكّدت الجملة ، واللام تؤكّد الخبر ، فجاز الجمع بينهما لذلك.
وأمّا كسر إنّ إذا دخلت اللّام في خبرها في قولك : ظننت إنّ زيدا لقائم ، وعلمت إنّ أخاك لمنطلق ، فإنّما كسرت ولم يجز
__________________
(١) تقدّم ذكر ذلك في ص : ٦٠.