من أن تخفى. فأمّا كونها في الحروف فإنّ الحروف لا تقدّر بأمثلة الأفاعيل ، ولكنها قد جاءت فيها أولا ووسطا وآخرا ، ولا يحكم عليها فيها بالزيادة إلا بدليل ؛ فكونها أولا قولهم : لم ولن ولكن. وكونها آخرا قولهم : هل وبل ، وهي التي تقع للإضراب كقولك : ما خرج زيد بل عمرو ، قال الله عزّ وجلّ : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)(١). فأما قولهم : ألم وألمّا ، فإنما هي لم ولمّا ، ولكن الألف تزاد في أوّلهما تقريرا وتوبيخا واستفهاما ؛ فالتقرير قولك : ألم تخرج؟ ألم تقصد زيدا؟ قال الله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ)(٢) ، فهذا تقرير. والتوبيخ مثل قولك : ألم تذنب؟ ألم تسفه على فلان فاحتملك.
فأما (ليس) ففيها خلاف ؛ فالفرّاء وجميع الكوفيين يقولون هي حرف ، والبصريون يقولون هي فعل ودليل الكوفيين على أنه حرف أنه ليس على وزن شيء من الأفعال لسكون ثانيه ، وأنه لم يجىء منها اسم فاعل ولا مفعول ولا لفظ المستقبل ؛ فلم يقل منها : يليس ، ولا. لايس ، ومليس ، كما قيل : باع يبيع ، فهو بائع ومبيع ،
__________________
(١) سورة القيامة ٧٥ : ١٤.
(٢) تتمة الآية : (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.) يس ٣٦ : ٦٠.