دخلت عليه هذه اللّام كان مجزوما بها ، لغائب كان أو لحاضر ، كقولك : ليذهب زيد ، ولتركب يا عمرو. ثم اختلفوا في فعل الأمر للمخاطب إذا كان بغير اللّام كقولك : اذهب يا زيد ، واركب يا عمرو. فقال الكوفيون كلّهم : هو مجزوم أيضا بإضمار اللّام ؛ لأنّ أصل الأمر أن يكون باللّام ، ولكن كثر في الكلام فحذفت اللّام منه وأضمرت ، لأنّ من شأن العرب تخفيف ما يكثر في كلامهم وحذفه / لا سيّما إذا عرف موقعه ولم يقع فيه لبس ، فتقدير قولهم اذهب يا زيد : لتذهب يا زيد ، هذا أصله ، ثمّ حذف وأضمرت اللّام ، فهو عندهم مجزوم بإضمار اللّام (١). وأجمع البصريون على أنّ هذا الفعل إذا كان بغير اللّام فهو غير معرب (٢) ؛ قولك : اذهب يا زيد ، واركب ، وانطلق ، وما أشبه ذلك. ودليلهم على أنه غير
__________________
(١) قال الفراء : «إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجه لكثرة الأمر خاصّة في كلامهم ؛ فحذفوا اللام كما حذفوا التاء من الفعل. وأنت تعلم أن الجازم أو الناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوّله الياء والتاء والنون والألف ، فلما حذفت التاء ذهبت باللام ، وأحدثت الألف ـ (يعني همزة الوصل) ـ في قولك : اضرب وافرح ؛ لأن الضاد ساكنة فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكن ، فأدخلوا ألفا خفيفة يقع بها الابتداء كما قال (ادّاركوا) و (اثّاقلتم).» معاني القرآن ١ : ٤٦٩ وهو يعني أن (اضرب) أصلها : (لتضرب).
(٢) يريدون أنه مبنيّ على السكون.