أكثر في الكلام ، فإذا كان قبلها (ثمّ) فإنّ الوجه كسر اللّام ؛ لأنّ (ثمّ) حرف يقوم بنفسه ، ويمكن الوقوف عليه والابتداء بما بعده ، والواو والفاء لا يمكن ذلك فيهما ، وذلك قولك ، ثمّ ليخرج زيد ، ثمّ ليركب عمرو ، والوجه كسر اللّام ، بل لا يجيز (١) البصريون غيره ، وقد أجاز بعض النحويين إسكانها مع (ثمّ) أيضا حملا على الواو والفاء ، وعلى ذلك قرأ بعض القرّاء : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)(٢) بالإسكان ، والكسر أجود لما ذكرت لك من العلّة (٣).
وأجمع النحويون من البصريين والكوفيين على أنّ الفعل إذا
__________________
(١) في الأصل : لا يجيزون.
(٢) قال تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.) الحج ٢٢ : ٢٧ ـ ٢٩. والتفث : أصله الوسخ ، ويراد به هنا الشعر والظفر ، وقضاء التفث : حلق الشعر وتقليم الظفر والاغتسال.
(٣) قال ابن هشام : «وأما اللام العاملة للجزم فهي اللام الموضوعة للطلب ، وحركتها الكسر ، وسليم تفتحها ، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها نحو : (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) ، وقد تسكن بعد ثم نحو : (ثُمَّ لْيَقْضُوا) في قراءة الكوفيين وقالون والبزي ، وفي ذلك ردّ على من قال : إنه خاص بالشعر ..» المغني ١ : ٢٤٥ و ٢٤٦.