والناصب المنصوب والمرفوع. وكذلك أجمعوا على أنّه لا يجوز إضمار الخافض لضعفه ، والجزم في الأفعال ـ باتّفاق من الجميع ـ نظير الخفض في الأسماء ، فهو أضعف من الخفض على الأصول المتّفق عليها. فلمّا كان إضمار الخافض في الأسماء غير جائز ، كان إضمار الجازم في الأفعال الذي هو أضعف من الخافض أشدّ امتناعا. قالوا : فلذلك لم يجز إضمار لام الأمر على ما ادّعى الكوفيون. قالوا : ومن الدليل القاطع على أنّ اللّام غير مضمرة ، وأنه ليس كما ذهبوا إليه أنّ اللّام لو كانت مضمرة لما تغيّر بناء الفعل ؛ لأنّ إضمار العوامل لا يوجب تغيّر بناء المعمول فيه ، لأنّ إضماره بمنزلة إظهاره ، ألا ترى أنّ قوله تعالى : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ)(١) تقديره : هو النار ، فليس إضمار / الرافع بمغيّر بناء المرفوع ، وكذلك قوله تعالى : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٢) إنّما تقديره : ويعذّب الظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما ، ومثله في كتاب الله وكلام العرب
__________________
(١) الآية : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.) الحج ٢٢ : ٧٢ ، واستشهد ابن هشام بهذه الآية على حذف المبتدأ في المغني ٢ : ٦٩٨.
(٢) الآية : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ ، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.) الانسان ٧٦ : ٣١ وانظر المغني ٢ : ٤٩٧.