كثير. فليس إضمار العوامل بموجب تغيير بناء المعمول فيه ، فلو كان تقدير : اذهب يا زيد ، واركب : لتذهب ولتركب ، كان سبيله إذا أضمرت اللّام أن يبقى الفعل على بنائه فيقال : تذهب يا زيد ، وتركب يا عمرو ، وهذا لازم لهم لا زيادة عليه. ومن الدّليل على صحته أنّ الشاعر قد يضطّر إلى حذف اللّام من فعل المأمور المخاطب في لغة من يقول : يا زيد لتذهب ، فيحذفها ويضمرها ويترك الفعل على بنائه ، وعلى ذلك قول الشاعر ، أنشد : سيبويه وغيره :
محمد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من أمر تبالا (١) |
فأضمر اللّام وترك الفعل على بنائه كما يوجبه القياس.
__________________
(١) التبال : الوبال. والشاهد في البيت إضمار لام الأمر في (تفد) مع بقاء عملها ، وعلى هذا استشهد به ابن هشام في المغني ١ : ٢٤٧ وجعل حذف هذه اللام مختصا بالشعر (المغني ٢ : ٧١٣) وقيل : إما أن الأصل (تفدي) وحذفت الياء للضرورة الشعرية ، وإما أن اللام نفسها حذفت للضرورة (أسرار العربية : ٣٢١) وانظر في هذين القولين أيضا : الكتاب (١ : ٤٠٨) ففيه أن اللام يجوز حذفها في الشعر مع بقاء عملها ، والإنصاف (المسألة : ٧٢) وفيه أن الياء محذوفة للضرورة ، وأن (تفدي) خبر يراد به الدعاء كقولهم : يرحمك الله ، وأن حذف الياء والاجتزاء بالكسرة كثير في شعرهم.
والبيت منسوب لحسّان وللأعشى ، وليس في ديوانيهما. ونسبه ابن هشام في شرح الشذور : ٢١١ لأبي طالب عمّ النبي. وانظر الأشموني : ٥٧٥ والخزانة ٣ : ٣٢٩.