وتلال اليهوديّة وجبال لبنان في شبه احتلال ، وعبرت القبائل الكنعانيّة إلى الساحل ، متوغّلة نحو الشاطئ ، فشكّلت تهديدا جديّا للجبيليّين الذين لم يكونوا قد عرفوا حتّى ذلك التاريخ غزوا بهذا الحجم ، إنّما كانت الغزوات السابقة مجرّد هجمات محدودة الحجم كانت تقوم بها جماعات صغيرة من البدو ، وكان الجبيليّون يصدّونها بسهولة.
تفيد معالم الحقبة السابعة من طبقات الحفريّات الدراسيّة في جبيل بوضوح على أنّ المدينة بدأت تتعرّض لغزو خطير في حوالى العام ٢١٥٠ ق. م. ، ويدلّ على هذه الأحداث آثار الحريق الظاهرة على جدران الهيكل الرئيسيّ ، وتراجع الإزدهار بحيث لم تعد البيوت دورا متعدّدة الغرف بل أصبحت غرفة واحدة ، كما غاب التخطيط عن الأزقّة التي كانت تشكّل شوارع تلك الحقبة. ويظهر جليّا أنّ تلك الغزوات قد انتهت بتمكّن الكنعانيّين من دخول جبيل والسيطرة على مقدّراتها واندماج الغازين مع أبناء عمّهم الجبيليّين الذين سوف يشكّلون معهم جزءا ممّا سيعرف بالشعب الفينيقيّ.
باندماج الكنعانيّين مع أهل جبيل الأصليّين ، بدأت المدينة تحاول استعادة نشاطها الإجتماعيّ والإقتصاديّ ، ولم يمض وقت طويل حتّى أخذت جبيل تستعيد ازدهارها ، يشهد على ذلك ترميم الأسوار والتحوّل في شكل الهيكل الذي أصبحت أرجاؤه مزروعة بالمسلّات الحجريّة ، وصارت العبادة فيه لإله الموت والخصب : رشف بعل ، الذي يعني اسمه الكنعانيّ : النار أو النور ، إشارة إلى الشمس ، فهو إله الموت والخصب ، والشمس تميت وتحيي ، وفي دخول عبادة رشف إلى جبيل تأكيد واضح على دخول الكنعانيّين إليها لأنّ الساميّين الذين اجتاحوا المنطقة كانوا يعبدون رشف. ويقوم إلى جانب مسلّات المعبد العشرين نصب عموديّ أو شجرة مقدّسة ، إذ كانت الشجرة