١٣٨٠ ق. م. اعتلى العرش الحثّي ملك طموح ومقدام إسمه شبّلوليوما ، اكتسح المملكة المتنّية وجعل في شمالي سورية له مركز انطلاق ضدّ الفراعنة الذين كان قد بدأ عصر انحطاطهم الحربيّ ، وسرعان أن ضمّ الملك الحثيّ إلى سلطانه ، قبل موته سنة ١٣٥٥ ق. م. ، المدن الفينيقيّة الواقعة شمال جبيل ، التي سارعت إلى عقد تحالف ضدّ الغازي الجديد مع بيروت وصيدا وصور برئاستها ، وكانت المملكة الحثيّة قد اتسعت وأضحت عاصمتها كركميش ، الواقعة على الفرات جنوب جبال طوروس ، وهي التي ستعرف في ما بعد بجرابلس ، وأصبحت المملكة الحثيّة الدولة الأقوى في منطقة غربي آسيا.
في هذا الوقت ظهرت حول المدن التي لم يكن الحثيون قد احتلّوها بعد ، عصابات من القبائل التي عرفت بالخبيرو ، وراحت تشنّ الغزوات على المدن وخراجاتها ناهبة سالبة مدمّرة عائثة فسادا. في الوقت ذاته اغتنم بعض أمراء العموريّين ، أبناء أعمام الكنعانيّين ـ الفينيقيّين الساميّين ، هذا الوضع العكر ، وراحوا يحاولون اصطياد الغنائم. وكان من جملة هؤلاء" عبد أشيرتا" الذي كان يتولّى إمارة عموريّة عند أعالي العاصي ، وقد لعب على حبلي الولاء للحثيّين من جهة ، وللفراعنة من جهة ثانية ، ليتمكّن من تحقيق مطامعه الإنتهازيّة ، وقد تمكن عبد أشيرتا ، بفضل دهائه ، من السيطرة في البداية على الإمارات المجاورة له ، ثمّ راح يتوسّع باتّجاه الشاطئ ، وتمكّن العموريّون ، على يده وإبنه" عزيزو" ، من الإستيلاء تباعا على قطنة وحماة ودمشق ثمّ على أرواد وشكّا وأنفة والبترون ، وأخيرا سقطت بيدهم سميرا الواقعة على الشاطئ الفينيقي شمالي أرواد ، والتي كانت مقرّ العامل المصريّ أنذاك ، فأصبحت جبيل التي كانت تعتبر أنّ سميرا تابعة لها ، شبه مطوّقة.