والمصائب ، يقول : ـ كان ملوك كنعان في ما مضى من الزمان إذا رأوا جنديّا مصريّا ولّوا الإدبار. أمّا الآن فإنّ أبناء عبد أشيرتا يهزأون بالشعب المصريّ ، ويهدّدوني بأسلحة مريعة ـ. وبعد فترة قصيرة وقعت" ألّازا" و" أرداتا" في قبضة عزيرو ، ونصف مدينة أو غاريت التهمتها النيران ، واستردّ سميرا وهدّمها تهديما كاملا مدعيا أنّه فعل ذلك كي لا تقع في أيدي الحثيّين.
في هذه الأثناء كان رب أدي قد فقد رشده وأعياه اليأس. فقد كان رسله إلى مصر يعودون بخفّي حنين. حتّى أن أخاه كان يدبّر مؤامرة مع أبناء عبد أشيرتا لقلب الحكم في جبيل. وكان يشعر ، كما يقول هو ذاته ، ـ أنّه حبيس كعصفور في قفص ـ ، وها هي أخته وأولاده يلجأون إلى أمير صور ، أبي ملكي ، الذي لم يكن قد انضمّ إلى سائر الأمراء الكنعانيّين الناقمين.
وكان أمير صور ، كأمير جبيل ، يبعث بالرسائل إلى مصر نادبا فيها حظّه ومتوسّلا ملكها ليبعث إليه بالعون ، ولكن دون جدوى. وأخيرا دبّ اليأس إلى قلب هذا الأمير الشجاع (رب عدي) الأمين ، فهجر مدينته جبيل ولجأ إلى بيروت. وكان حاكم بيروت" عمونيرا" ذا قرابة له عن طريق المصاهرة. أمّا زوجته وأبناؤه فقد سلّموا جميعا إلى عزيرو ... وعندما أصبحت بيروت ذاتها مهدّدة ، غادرها أمير جبيل وسار جنوبا نحو صيدا ، ولكنّ أمير صيدا ، زمريدا ، كان قد تنكّر للحلف المعقود بينه وبين مدن الشمال برئاسة جبيل ، وانضمّ إلى العموريّين ، وبذلك وقع ربّ أدي بقبضة الذي كان هاربا من وجهه : عزيرو ، ولقي حتفه بسبب شهامته ووفائه للمصريين".
قبل أن يستشهد رب عدي ، والذي ذكره حتّي غالبا باسم رب إدي ، كانت جبيل قد سقطت بأيدي العموريّين الغزاة الذين أحرقوا المدينة بعد أن نهبوها.