الموريكس التي يستخرج منها صباغ الأرجوان. إلى أن بدأوا ينقشون صورة الملك الذي سكّت النقود في عهده.
مع بدء ظهور بوادر الوهن في جسم الدولة الفارسيّة الذابل قبيل منتصف القرن الرابع قبل الميلاد ، وإقدام العمّال الفرس على معاملة أهل البلاد بشيء من الغطرسة والإزدراء ، بدا واضحا أن شهر العسل الذي امتدّ طوال قرن وثلث قد شارف نهايته. وتدلّنا البقايا الجبيليّة على أنّ أهل المدينة كانوا في هذه الحقبة الحرجة يتعاملون مع الإغريق أعداء فارس تعاملا تجاريّا سافرا. وقد حاول بعض ملوك فينيقية الدخول في مواثيق صداقة مع الأثينيّين ، وفي الوقت نفسه أخذت جاليات فينيقيّة تستقرّ في بلاد الإغريق ، لا سيّما في ميناء بيريه حيث كان لهم معابد ومقابر.
أخيرا ، بدأت الثورة الفينيقيّة ضدّ الفرس في الحيّ الصيداوي في طرابلس سنة ٣٦٠ ق. م. ، وسرعان ما عمّت جميع الشاطئ اللبناني ، وأعلنت جبيل وثماني مدن فينيقيّة أخرى استقلالها عن الفرس بعد أن طردت عمّالهم وجنودهم من المدن ، وانتقلت قيادة الثورة في ما بعد إلى صيدا حيث بدأ الإستعداد للمعركة الحاسمة.
في هذه الأثناء سارع القائد الفارسيّ" أرتحششتا" إلى ترك بابل على رأس جيش قوامه ٢٠٠ ألف رجل ، وجهّز في البحر ٨٠٠ مركب ، قاصدا تأديب الشاطئ اللبنانيّ ، فتوجّه بادئ الأمر إلى صيدا قاصدا إخضاع قيادة الثورة ، ولم ينفع استسلام ملك المدينة في إقناع الصيداويّين بعدم جدوى المقاومة ، بل أغلقوا على أنفسهم المدينة وأحرقوها على رؤوسهم مفضّلين الإستشهاد على الإستسلام. هذا الحدث أرعب باقي المدن الفينيقيّة ، بما فيها جبيل ، التي استسلمت للغازي دونما قيد أو شرط.