يقطنون تلك المنطقة ، غير أنّه سيتبيّن خطأ هذا الرأي عندما سيهاجم الصليبيّون جبيل ويدخلونها عنوة كما سيجيء.
فبعد مرورهم بالبترون وجبيل ، توجّه الصليبيّون نحو بيروت التي كان الفاطميّون يسيطرون عليها ، فلم يحصل أيّ احتكاك بموجب معاهدة التفاهم التي كانت جرت بين الصليبيّين والفاطميّين عند أبواب أنطاكيا. أمّا صيدا فأبدت رفضا للتفاهم ، وفي ٢٣ أيّار ١٠٩٩ مرّ الصليبيّون في صور متجهين نحو عكّا فالقدس. وبعد احتلالهم القدس وتلقّيهم التعزيز والتموين من البحر ، بدأوا يحتلّون السواحل ، وفي هذه المرحلة والى بنو عمّار الصليبيّين فأصبحت طرابلس منطقة نفوذ لهم ، وكذلك فعل الصوريّون. وفي هذه الحقبة بالذات بنى" ريموند دو سان جيل" حصن طرابلس سنة ١١٠٣ ؛ وفي العام التالي شنّ هجوما على جبيل فحاصرها وقاتل عليها قتالا شديدا ، " فلّما رأى أهلها عجزهم عن الفرنج أخذوا أمانا ، وسلّموا البلد إليهم فلم تف لهم الإفرنج بالأمان فأخذوا أموالهم واستنفدوهم بالعقوبات وأنواع العذاب" كما يقول ابن الأثير. وكان سقوط جبيل في ٢٨ نيسان ١١٠٤ ، وهي أوّل مدينة لبنانيّة سقطت عنوة بيد الصليبيّين. وبقيت بيدهم إلى أن استسلمت لصلاح الدين في العام ١١٨٧ ، ثمّ تمكّن الصليبيّون من استعادتها عنوة سنة ١١٩٨. ويذكر إبن واصل أنّ جبيل قد سقطت بيد المسلمين في العام ١١٨٧ على يد صلاح الدين الأيّوبي الذي هدم أسوارها لكنّه تراجع عنها بسبب الأخبار التي أفادت عن وصول الحملة الصليبيّة الثالثة فعاد إليها آل أمبرياتشي. وقد بقي الصليبيّون في جبيل حتّى بعد سقوط كامل مدن الساحل والجبل بيد المماليك ، رغم أنّه في صيف ١٢٩٢ قد شنّ المماليك هجومات على مدن الساحل اللبنانيّ التي والت الصليبيين ، وبعد سلسلة هجمات سقطت جبيل بيدهم