والأصل أمرتك بالخير ، وبقرينة ما ائتمرت به.
وقوله :
* تمرون الديار ولم تعوجوا * (١)
والأصل تمرون على الديار أو بالديار ، وكقوله تعالى (سيدخلون جهنم داخرين) [غافر ٦٠] حذف فيه كلمة «في» لقوله (يدخلون في دين الله أفواجا) [النصر ٢] وكقوله تعالى : (فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي) [الفجر ٢٩ ، ٣٠] حذف كلمة «في» في الثاني بقرينة ذكرها في الأول ، ونحو ذلك وهو كثير.
وأما باء التعدية وهي التي تغير معنى الفعل وتبدله وتنقله إلى المتعدي ، وتتضمن معنى الجعل والتصيير كقوله (ذهب الله بنورهم) [البقرة ١٧] (وإنا على ذهاب به لقادرون) [المؤمنون ١٨] ، وقوله عليه السلام في الدعاء (٢) : «اللهم أدرك بنا ثأره» ، والمعنى جعل الله نورهم ذاهبا باطلا ، وإنا على جعله ذاهبا فإنا لقادرون ، اللهم اجعلنا مدركين ثاره ونحو ذلك ، وهو أيضا كثير ، فلا يجوز حذفها لئلا يفوت معنى التعدية ، كما لا يجوز حذف همزة التعدية لذلك ، فالباء والهمزة متعاقبتان في تعدية معنى الفعل ، تقول : أذهب ال له نورهم كما
__________________
(١) عجزه * كلامكم علي إذا حرام * والبيت لجرير راجع الكامل في الأدب (١ / ٥٠).
(٢) لم أجد دعاء بهذا اللفظ ، نعم روى الشيخ قدس سره في مصباح المتهجد ص ٦٧١ والسيد في الإقبال (٢ / ٢٩) والكفعمي في البلد الأمين ص ٢٤٤ والمصباح ص ٦٥٩ في دعاء اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ما لفظه «اللهم أدرك بنا قيامه».