قولِهِ «مِن بَعْدِ التَّكْبيرِ» كُلَّما ازدَادَ فيها نَظراً وتَأمَّلاً ازْدَاد هَذا الاحتِمال عِندَهُ وضُوحاً وظُهوراً ، ثُمَّ أنَّه يُستفادُ مِن هَذهِ العِبارَة تَرتِيب العَمل بِدلَالَةٍ وَاضِحَة ، وأنَّ أوَّلَهُ التَّكبِير ثُمّ الإيْماء إِليهِ عليه السلام بِهذَا القَولِ ثُمَّ صَلاة الرَّكعَتَين ، إلَّا أنَّهُ عليه السلا سَلكَ فِي بَيانِ التَّرتِيبِ مَسلَكَ القَهقَرَى ، فابْتدَأ بالآخرِ مُنتَهياً إلى الأوَّلِ ، فكأنَّهُ قَال : «إِذَا أَنْتَ صَلَّيتَ الرَّكعَتَين بَعد الإيْمَاء إلِيهِ بِالسَّلَامِ وَأَومَأَت إلِيهِ بِهذَا القَولِ بَعد التَّكبِير فَقد دَعَوت ، فَيكُونَ التَّكبِير أوَّلاً ، والصَّلَاة آخِراً ، والإِيمَاء بِهذَا القَولِ وَسَطاً».
بقِيَ الكَلامُ فِيما وعَدنَاك مِن أنَّ الصَّحيحَ هو التَّكبِير كَما هو فِي (المِصْباح) ، وَأنَّ الرَّكعَتَينِ كَما فِي (الكَامِلِ) مِن سَهو القَلَم ، ولَابُدَّ أوَّلاً مِن نَقلِ كَلام (العلَّامة المَجلِسيِّ قدس سره).
قال رحمه الله في (البحار) (١) ، بَعدَ نَقل مَا فِي (الكَاملِ) و (المِصْباحِ) :
«بَيَانٌ ؛ قَولهُ عليه السلام «إِذَا أنْتَ صَلَّيتَ الرَّكعَتَين» فِي العِبَارَةِ إِشْكالٌ وَإِجْمَالٌ وَتَحْتَمِلُ وُجُوهَاً :
الْأوَّلُ : أَنْ يَكُونَ المُرَاد فِعْل تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَالْأَدْعِيةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدهَا مُكَرَّر.
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ المُرَادُ الْإِيْمَاء بِسَلَامٍ آخَرٍ بِأَيِّ لَفْظٍ أَرَاد ، ثُمَّ الصَّلَاة ، ثُمَّ
__________________
(١) بحار الأنوار (٩٨ / ٣٠١).