وتعظيم المفدى ، كما وقع التصريح بذلك في فقرات دعاء الندبة (١) كقوله «بنفسي أنت من مغيب ، ما غاب عنا بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا» ، «بنفسي أنت من عقيد عز لا يسامى ، بنفسي أنت من أثيل مجد لا يجازى (٢)» ، وإنما أقحم الأبوان في بعض المواضع أو أكثرها ، وإن لم يكن هناك أب وأم إما بالأصل أو في الحال تعظيما للفداء ، حتى يفيد تعظيم المفدى بأبلغ وجه وأتمه ، إذ كلما عظم الفداء دل على عظم المفدى.
ولذا ورد هذا التركيب في مورد لا يصح فيه إرادة التفدية بالأبوين ، كقولها عليها السلام (٣) «بأبي العطشان حتى قضى ، بأبي المهموم حتى مضى (٤) ، بأبي من لا هو غائب فيرتجى ، ولا جريح فيداوى».
وأحسن منه قول أمها الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين عليها السلام لثلاث جوار من الحور العين دخلن عليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله لتعزيتها وتسليتها ، وهي لا تعرفهن فتعجبت منهن فقالت لهن : «بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟! فقلن : يا بنت محمد لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة ، ولا من أهل الأرض جميعا ، غير أننا جوار من الحور العين من دار السلام ، أرسلنا رب العزة (٥) إليك ، يا بنت محمد إنا إليك مشاقات.
__________________
(١) المروي عن الإمام الحجة (عج) رواه المشهدي في المزار الكبير ص ٥٧٣ ونقله السيد ابن طاووس في الإقبال (١ / ٥٠٤) ولم ينسبه لأحد.
(٢) كذا في المصادر وفي المطبوع «لا يجارى».
(٣) قول زينب عليها السلام بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام راجع الملهوف ص ١٨١ والبحار (٤٥ / ٥٩).
(٤) كذا في الأصل وفي المصادر «بأبي المهموم حتى قضى ، بأبي العطشان حتى مضى».
(٥) كذا في المصادر وفي المطبوع «رب العالمين».