المتقدم «أشهد أن الله تعالى الطالب بثأرك» ومن هنا يظهر ما في كلام (الطراز) في شرح عبارة الرواية ، وهو قوله «جعلهما ثارين لله ، لأنه الطالب لدمائهما من قتلتهما» ، فقد علل الجعل المزبور الذي هو عبارة عن التنزيل المذكور بالطلب ، وقد عرفت أن الأمر بالعكس.
ثم إن قوله في رد من احتمل التصحيف في عبارة الرواية يدل على تسليمه لصحة إرادة اسم الفاعل من هذه العبارة ، وليت شعري كيف يصح أن يقال أنك ثائر الله ، وكيف يعقل ويتصور هذه الإضافة ، إذ قد عرفت أن الثائر إما قاتل الحميم ، وإما طالب دم القتيل من قاتله ، وأيا ما كان ، يستحيل إضافته إلى الله تعالى كما لا يخفى ، بل اللازم أن يعكس الإضافة ويقال : «أن الله ثائرك» أي طالب جمك من قاتلك ، فيطلق الثائر على الله تعالى كما في عبارة الدعاء المتقدمة ، أعني قوله «وكن الثائر اللهم بدم أولادها».
ثم إن لفظ الثأر كما عرفتت مهموز العين ، وقد ثبت في محله جواز تخفيف الهمزة الساكنة المتوسطة بقلبها إلى الحرف المجانس لحركة ما قبلها من ألف أو ياء أو واو ، ولأجل ذلك تكتب الهمزة بصورة ذلك الحرف المقلوب إليه ، كرأس ، وكأس ، وبئر ، وذئب ، وضئر (١) وبؤس ، وسؤل ، وسؤر (٢).
__________________
(١) الضئر : المرضعة.
(٢) السؤر : بقية الشيء.