وقد يكون التّوسّط واجبا نحو : «كان في الدّار ساكنها» ولو لم يتقدّم الخبر على الاسم هنا لعاد الضمير على متأخّر لفظا ورتبة. فتحصّل أنّ للتّوسّط ثلاثة أقسام : قسم يجوز ، وقسم يمتنع ، وقسم يجب.
٦ ـ تقديم أخبارهنّ عليهنّ :
يجوز تقديم أخبار ـ كان وأخواتها ـ عليهنّ ، إلّا ما وجب في عمله تقدّم نفي أو شبهه ك «زال ، وبرح ، وفتىء ، وانفكّ» وإلّا «دام وليس» تقول : «برّا كان عليّ» و «صائما أصبح خالد» ، ولا تقول : «صائما ما زال عليّ» ولا «قائما ليس محمّد».
٧ ـ جواز توسّط الخبر بين «ما» والمنفي بها :
إذا نفي الفعل ب «ما» النّافية جاز توسّط الخبر بين «ما» والمنفيّ بها مطلقا ، أي سواء كان النّفي شرطا في العمل أم لا نحو «ما مقصّرا كان صديقك» ونحو «وما وفيّا زال خالد».
٨ ـ امتناع تقديم أخبار كان وأخواتها على «ما».
يمتنع تقديم أخبار كان وأخواتها على «ما» (١) سواء أكانت لازمة كما في «دام وزال» وأخواتها ، أم جائزة فلا تقول : «صائما ما أصبح عليّ» ولا «زائرا لك ما زلت» و «أزورك مخلصا ما دمت» و «قائما ما كان عليّ».
٩ ـ امتناع أن يلي هذه الأفعال معمول خبرها إلّا الظّرف والجارّ والمجرور :
لا يجوز أن يلي الأفعال النّاقصة معمول خبرها إلّا إذا كان ظرفا أو جارّا ومجرورا سواء أتقدّم الخبر على الاسم أم لا (٢) ، فلا تقول : «كان إيّاك علي
__________________
(١) يفهم من هذا أنه إذا كان النفي بغير «ما» يجوز التقديم نحو : «دارسا لم يزل بكر» و «كسولا لم يكن عمرو».
(٢) جمهور البصريين يمنعون مطلقا إلا في الظرف والمجرور لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منها ، والكوفيون يجيزون مطلقا ، لأن معمول معمولها في معنى معمولها ، وفصّل ابن السّرّاج والفارسيّ البصريان فأجازاه إن تقدّم الخبر معه ، نحو «كان طعامك آكلا زيد» لأنّ المعمول من كمال الخبر ، ومنعوه إن تقدّم وحده نحو «كان طعامك زيد آكلا» إذ لا يفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي ، واحتج الكوفيون بنحو قول الفرزدق :
قنافذ هدّاجون حول بيوتهم |
بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا |
ووجه الحجّة أن «إياهم» معمول عوّد ، وعوّد خبر كان ، فقد ولي «كان» معمول خبرها وليس ظرفا ولا جارّا ولا مجرورا و «هدّاجون» من الهدجان وهي مشية الشّيخ و «عطيّة» أبو جرير ، وخرّج هذا البيت عن زيادة «كان» أو أنّ اسمها ضمير الشّأن ، و «عطيّة» مبتدأ و «عوّد» الجملة خبر.