أي إن كان عملهم خيرا فجزاؤهم خير ، ومثال «لو» قوله صلىاللهعليهوسلم : «التمس ولو خاتما من حديد» أي التمس شيئا ، ولو كان الملتمس خاتما من حديد ، وقول الشاعر :
لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا |
جنوده ضاق عنها السّهل والجبل |
أي ولو كان صاحب البغي ملكا ذا جنود كثيرة ، وتقول : «ألا طعام ولو تمرا» (١).
ويقلّ الحذف المذكور بدون «إن ولو» أنشد سيبويه :
من لد شولا فإلى أتلائها (٢)
(الثاني) أن تحذف «كان» مع خبرها ويبقى الاسم وهو ضعيف ، ولهذا ضعّف «ولو خاتم» و «إن خير فخير» في المثالين المتقدمين.
(الثالث) أن تحذف وحدها ، وكثر ذلك بعد «أن المصدريّة» الواقعة في موضع أريد به تعليل فعل بفعل في مثل قولهم «أمّا أنت منطلقا انطلقت» أصله «انطلقت لأن كنت منطلقا» ثمّ قدّمت اللّام التّعليليّة وما بعدها على «انطلقت» للاختصاص ، أو للاهتمام بالفعل فصار «لأن كنت منطلقا انطلقت» ثمّ حذفت اللّام الجارّة اختصارا ، ثمّ حذفت «كان» لذلك فانفصل الضّمير الذي هو اسم كان فصارا «أن أنت منطلقا» ثمّ زيدت «ما» للتعويض من «كان» وأدغمت النون من «أن» في الميم من «ما» فصار «أمّا أنت» وعلى ذلك قول العبّاس بن مرداس :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع (٣) |
__________________
(١) فيما إذا كان ما بعد لو» مندرجا فيما قبلها فالطعام هنا أعمّ من التّمر ، وجوّز سيبويه في مثل هذا الرفع بتقدير : ولو يكون عندنا تمر.
(٢) هذا من الرجز المشطور ، وهو مثل المثل بين العرب ، وقوله «من لد» أصله من لدن «شولا» قيل هي مصدر شالت الناقة بذنبها أي رفعته فهي شائل والجمع شوّل كركّع ، والتقدير من لدن شالت شولا ، أي بدون أن ، وهو الأرجح عند الرضي ، ووجود أن عند سيبويه لأن لدى عنده لا يضاف إلى الجملة ، وقال سيبويه : على إضافتها إلى الجملة ، وقال سيبويه : التقدير من لدن أن كانت شولا ، الشاهد فيه من حذف كان بعد لدن ، وهو قليل ، وفي اللسان : وجوه أخرى فانظرها هناك ب «شول» والأتلاء : جمع تلو : وهو ولد الناقة يفطم فيتلوها.
(٣) «أبا خراشة» منادى ، وهي كنية شاعر اسمه «خفاف بن ندبة» ، «النفر» هنا : الرّهط ، «الضبع» السنين المجدبة ، وفي قوله «الضبع» تورية ، وذهب الكوفيون إلى أن «أن» المفتوحة هنا شرطية ، ولذلك دخلت الفاء في جوابها ، ومعنى المثال المذكور عندهم «إن كنت منطلقا انطلقت معك» وفي خزانة الأدب : في كتاب النبات للدينوري ، وتبعه ابن دريد في الجمهرة : «أبا خراشة أمّا كنت ذا نفر» ، وعلى هذا فلا شاهد في البيت ، و «ما» زائدة ، ولكن أنشده سيبويه : أمّا أنت ذا نفر.