برجل كأنّه جبل». وفي صلة الموصول : «أقبل الذي كأنّه أسد» وفي الخبر نحو «هاشم كأنّه ثعلب» وفي الحال : «رأيت عمرا كأنّه قمر» ومن الحال قوله تعالى :(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ)(١).
كأن : مخفّفة من «كأنّ» ولا يختلف عملها عن المشدّدة ويجوز إثبات اسمها ، وإفراد خبرها كقول رؤبة :
كأن وريديه رشاء خلّب (٢)
وكقول باغث بن صريم اليشكري :
ويوما توافينا بوجه مقسّم |
كأن ظبية تعطوا إلى وراق السّلم (٣) |
ويجوز حذف اسمها ، وإذا حذف الاسم وكان الخبر جملة اسميّة لم يحتج إلى فاصل كقول الشّاعر :
ووجه مشرق اللّون |
كأن ثدياه حقّان (٤) |
وإن كان جملة فعليّة فصلت ب «لم» أو «قد» نحو (فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(٥) ونحو قول الشّاعر :
لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر |
ب فمحذورها كأن قد ألمّا (٦) |
كأيّ : اسم مركّب من كاف التّشبيه و «أيّ» المنونة وجاز الوقف عليها بالنّون ، ولهذا رسم في المصحف بالنون وهي بمعنى «كم» وتوافقها في خمسة أمور : الإبهام ، والافتقار إلى التّمييز ، والبناء ، ولزوم التّصدير ، وإفادة التّكثير وهو الغالب نحو (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(٧). وتخالفها في خمسة أمور :
أحدها : أنها مركّبة ، وكم بسيطة.
الثاني : أنّ مميّزها مجرور ب «من» غالبا (٨) كما مرّ في الآية. ومثلها (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا)(٩).
الثالث : أنّها لا تقع استفهاميّة عند الجمهور (١٠).
__________________
(١) الآية «٤٩» و «٥٠» من سورة المدثر «٧٤».
(٢) الوريدان : عرقان في الرّقبة وهو اسم «كأن» والرّشاء : الحبل وهو خبرها ، الخلّب : اللّيف ، ورواية هذا الشطر باللسان هكذا «كأن وريداه رشاءا خلّب» قال : ويروى : وريديه على إعمال «كأن».
(٣) يروى برفع ظبية على حذف الاسم أيّ كأنّها وبالنصب على حذف الخبر ، أي كأنّ مكانها ظبية ، وبالجر على الأصل «كظبية» وزيدت «إن» بينهما».
(٤) «ثدياه حقان» مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر «كأن» واسمها ضمير الشأن محذوف.
(٥) الآية «٢٤» من سورة «يونس «١٠».
(٦) الهول : الفزع ، لظى الحرب : نارها ، «اصطلاؤها» لذعها ، ألمّ : نزل.
(٧) الآية «١٤٦» من سورة آل عمران «٣».
(٨) وقد ينصب تمييزها كقول الشاعر :
اطّرد اليأس بالرجاء فكائن |
آلما حمّ يسره بعد عسر |
(٩) الآية «٦٠» من سورة العنكبوت «٢٩».
(١٠) وأثبت بعضهم ورودها للاستفهام وهو نادر ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضياللهعنهما «كأي تقرأ سورة الأحزاب آية؟» فقال : ثلاثا وسبعين.