(الثالث) أن تضاف إلى ضمير ملفوظ به ، وحكمها أن تكون مؤكّدة ، فإن خرجت عن التّوكيد فالغالب أن لا يعمل فيها إلّا الابتداء نحو : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ).
٤ ـ لفظ كل :
لفظ «كل» حكمه الإفراد والتّذكير ، وحكى سيبويه في «كل» التأنيث ، فقال : «كلّتهن منطلقة» ومعنا «كل» بحسب ما يضاف إليه ، فإن كان مضافا إلى منكّر وجب مراعاة معنى الجمع فيه (١).
فلذلك جاء الضّمير مفردا مذكرا في نحو : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(٢) وفي نحو قول كعب بن زهير :
كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته |
يوما على آلة حدباء محمول |
وجاء مفردا مؤنّثا في قوله تعالى :
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(٣) ، و (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٤) ، وجاء مثنّى في قول الفرزدق :
وكلّ رفيقي كلّ رحل ـ وإن هما |
تعاطى القنا قوماهما ـ أخوان (٥) |
وجاء مجموعا مذكّرا في قوله تعالى :
(كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٦).
وقول لبيد :
وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
دويهية تصفرّ منها الأنامل |
وإن كانت «كلّ» مضافة إلى معرفة فالصّحيح أنّه يراعى لفظهما فلا يعود الضّمير إليها من خبرها إلّا مفردا مذكّرا على لفظها نحو : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٧) ، وفي الحديث القدسيّ وغيره : «يا عبادي كلّكم جائع إلّا من أطعمته» ، و «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته» و «كلّنا لك عبد». فإن قطعت عن الإضافة لفظا (٨)
__________________
(١) يقول ابن هشام : وهذا نصّ عليه ابن مالك ورواه أبو حيان يقول عنترة :
حادت عليه كلّ عين ثرّة |
فتركن كلّ حديقة كالدرهم |
فقال : «فتركن» ولم يقل : تركت ، فدلّ على جواز «كلّ رجل قائم ، وقائمون» يقول ابن هشام : والذي يظهر لي خلاف قولهما ، وأنّ المضاف إلى المفرد إن أريد نسبة الحكم إلى كلّ واحد وجب الإفراد نحو «كلّ رجل يشبعه رغيف» أو إلى المجموع وجب الجمع كبيت عنترة فإن المراد أنّ كل فرد من الأعين جاد ، وأنّ مجموع الأعين تركن ، والثرة : الغزيرة وأراد بالحديقة دائرة الماء تبقى في الأرض بعد المطر.
(٢) الآية «٥٢» من سورة القمر «٥٤».
(٣) الآية «٣٨» من سورة المدثر «٧٤».
(٤) الآية «١٨٥» من سورة آل عمران «٣».
(٥) كل في «كل رحل» زائدة كما يقول ابن هشام.
(٦) الآية «٥٣» من سورة المؤمنون «٢٣».
(٧) الآية «٩٥» من سورة مريم «١٩».
(٨) الآية «٣٨» من سورة المدثر «٧٤».