توكيد النكرة (١) سواء كانت محدودة كيوم وليلة وشهر وحول أم غير محدودة كوقت ، وزمن ، وذلك لأنّ ألفاظ التوكيد كلّها معارف ، سواء المضاف لفظا وغيره ، فيلزم تخالفهما تعريفا وتنكيرا ، ولا بدّ من إضافتها إلى مضمر راجع إلى المؤكّد ، نحو : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ)(٢) ، وقد يخلف الضّمير الظّاهر كقول عمر بن أبي ربيعة :
كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم |
يا أشبه النّاس كلّ الناس بالقمر |
وأجاز الكوفيّون توكيد النكرة ومن توكيدها ب «كلّ» على رأي الكوفيين قول العرجي :
نلبث حولا كاملا كلّه |
لا نلتقي إلّا على منهج |
(الثاني) أن يكون نعتا لمعرفة فتدلّ على كماله ، وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظا ومعنى نحو قول الأشهب بن زميلة :
وإنّ الّذي حانت (٣) بفلج دماؤهم |
هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد |
(الثالث) أن تكون تالية للعوامل ولو كانت معنويّة فتكون مضافة إلى الظّاهر نحو (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) وغير مضافة نحو : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ)(٤) وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٥) ، ومن هذا : نيابتها عن المصدر ، فتكون منصوبة على أنّها مفعول مطلق نحو : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)(٦) ، ومنه :
إضافتها إلى الظّرف فتنصب على أنّها مفعول فيه نحو «سرت كلّ اللّيل».
٣ ـ أوجه الإضافة فيها :
هي ثلاثة أيضا :
(الأوّل) أن تضاف إلى الظّاهر وحكمها : أن يعمل فيها جميع العوامل نحو «أكرمت كلّ أهل البيت».
(الثاني) أن تضاف إلى ضمير محذوف وحكمها كالتي قبلها ، وكلاهما يمتنع التّأكيد به كالآية قبلها : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ). والتّقدير : وكلّ إنسان لأنّ التّنوين فيها عوض (٧) عن المضاف إليه.
__________________
(١) واختار ابن مالك جواز توكيد النكرة المحدودة لحصول الفائدة بذلك : نحو صمت شهرا كلّه.
(٢) الآية «٣٠» من سورة الحجر «١٥».
(٣) حانت من الحين وهي الهلاك.
(٤) فـ «كلّا» مفعول به لفعل محذوف يدلّ عليه ضربنا أي أرشدنا كلا أو وعظنا.
(٥) الآية «٣٩» من سورة الفرقان «٢٥».
(٦) الآية «١٢٩» من سورة النساء «٤».
(٧) انظر تنوين العوض.