تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(١) «فأيّكم» مبتدأ والباء زائدة فيه ، و «المفتون» خبره ، والوصف (٢) الرافع لمكتف به نحو «أسار الرّجلان». ولا بدّ للوصف المذكور من تقدّم نفي أو استفهام نحو قوله :
خليليّ ما واف بعهدي أنتما |
إذا لم تكونا لي على من أقاطع |
وقوله :
أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا |
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا |
والكوفيّ لا يلتزم هذا الشّرط محتجا بقول بعض الطّائيين :
خبير بنو لهب فلاتك ملغيا |
مقالة لهبيّ إذا الطّير مرّت (٣) |
٢ ـ أحوال المبتدأ الوصف المعتمد على نفي أو استفهام :
إذا رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال :
«أ» وجوب أن يكون الوصف مبتدأ وذلك إذا لم يطابق ما بعده بالتثنية والجمع نحو «أجادّ أخواك أو إخوتك» فـ «جادّ» مبتدأ ، و «أخواك» فاعله سدّ مسدّ خبره (٤).
«ب» وجوب أن يكون الوصف خبرا وذلك إذا طابق ما بعده تثنية وجمعا نحو «أناجحان أخواك؟» و «أمتعلّمون أبناؤك؟» فـ «أناجحان» و «أمتعلّمون» خبران مقدّمان ، والمرفوع بعدهما مبتدأ مؤخّر (٥).
«ج» جواز الأمرين ، وذلك إذا طابق الوصف ما بعده إفرادا فقط نحو «أحاذق أخوك» و «أفاضلة أختك» فيجوز أن يجعل الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا سدّ مسدّ الخبر ، ويجوز أن يجعل الوصف خبرا
__________________
(١) الآية «٦» من سورة القلم «٦٨».
(٢) يتناول الوصف : اسم الفاعل نحو «أفاهم هذان» واسم المفعول نحو «ما مأخوذ البريئان» والصفة المشبهة نحو «أحسنة العينان» واسم التفضيل نحو «هل أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره» والمنسوب نحو : «أدمشقيّ أبوك» ويخرج بقوله : رافع لمكتف به نحو : «أقائم أبواه علي» فالمرفوع بالوصف غير مكتف به وإعرابه : «علي» مبتدأ مؤخر و «قائم» خبره ، و «أبواه» فاعله.
(٣) فعند الكوفي : «خبير» مبتدأ ، و «بنو» فاعل أغنى عن الخبر ، وعند البصري الذي يشترط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام : «خبير» خبر مقدم و «بنو» مبتدأ مؤخر ، وإنما صح الإخبار ب «خبير» مع كونه مفردا عن الجمع وهو «بنو لهب» : على حد قوله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ـ ذلِكَ ظَهِيرٌ) وبنو لهب هي من الأزد مشهورن بزجر الطير وعيافته.
(٤) وإنما تعين أن يكون الوصف مبتدأ هنا ولم يصح أن يكون خبرا مقدما لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد.
(٥) وإنما وجب أن يكون الوصف خبرا مقدّما ولم يجز أن يكون مبتدأ والمرفوع فاعلا سدّ مسدّ الخبر لأن الوصف إذا رفع ظاهرا كان حكمه حكم الفعل في لزوم الإفراد.