يومان ، ولم أره مذ اليوم ، ومذ غد ، ومثل مذ منذ ، فأمّا قولهم «ما رأيته منذ أنّ الله خلقه» ، فعلى تقدير : منذ زمن خلق الله إيّاه. ومعناهما : ابتداء الغاية مثل «من» إن كان الزّمان ماضيا كقول زهير بن أبي سلمى :
لمن الدّيار بقنّة الحجر |
أقوين مذ حجج ومذ دهر (١) |
أي من حجج ومن دهر ، وكقول امرىء القيس في «منذ» :
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان |
وربع عفت آثاره منذ أزمان |
وإن كان الزّمان حاضرا فمعناهما «الظّرفيّة» نحو «ما رأيته منذ يومنا» وإن كان الزّمان معدودا فمعناهما «ابتداء الغاية وانتهاؤها معا». أي بمعنى «من وإلى» نحو «ما رأيته مذ يومين».
٢ ـ وقد يكونان اسمين ، وذلك في موضعين :
(أحدهما) : أن يدخلا على اسم مرفوع ، نحو «ما رأيته مذ يومان» أو «منذ يوم الجمعة» وهما حينئذ مبتدآن ، وما بعدهما خبر ، والتّقدير : أمد انقطاع الرّؤية يومان ، وأوّل انقطاع الرّؤية يوم الجمعة ، وقيل ظرفان ، وما بعدهما فاعل ب «كان» التّامّة محذوفة تقديره : مذ كان ، أو مذ مضى يومان ،.
(الثاني) : أن يدخلا على الجملة فعلية كانت وهو الغالب كقول الفرزدق يرثي يزيد بن المهلّب :
ما زال مذ عقدت يداه إزاره |
فسما فأدرك خمسة الأشبار (٢) |
أو اسمية كقول الأعشى :
وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع |
وليدا وكهلا حين شبت وأمردا (٣) |
المذكّر والمؤنّث :(= التأنيث والتذكير).
مرء وامرء :
(الأوّل) : بغير همزة وصل ، والأكثر فيه : فتح الميم ، والإعراب على همزته فقط ، والراء ساكنة ، وهذا هو القياس ، وبهذا أنزل القرآن ، قال الله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)(٤) ، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)(٥).
ومنهم من أعربه من مكانين : أي إنّه
__________________
(١) القنة : أعلى الجبل ، والحجر : منازل ثمود ، أقوين : خلون ، الحجج : جمع حجة : وهي السّنة.
(٢) «سما» ارتفع «أدرك خمسة الأشبار» مثل يقولون لفتى قد عقل وفهم ، وخبر «ما زال» قوله في البيت بعده «يدني كتائب من كتائب تلتقي».
(٣) اليافع : الغلام الذي زاد على العشرين.
(٤) الآية «٢٤» من سورة الأنفال «٨».
(٥) الآية «٣٤» من سورة عبس «٨٠».