دقّك بالمنحاز (١) حبّ الفلفل» ومثل ذلك قول أبي كبير الهذلي :
ما إن يمسّ الأرض إلّا منكب |
منه وحرف السّاق طيّ المحمل (٢) |
٧ ـ أسماء لم تؤخذ من الفعل تجري مجرى مصادر أخذت من الفعل :
وذلك قولك : «أتميميّا مرّة وقيسيّا أخرى» كأنك قلت : «أتتحوّل تميميا مرّة وقيسيّا أخرى» فأنت في هذا الحال تعمل في تثبيت هذا له ، وهو عندك في تلك الحال في تلوّن وتنقّل ، وليس يسأله مسترشدا عن أمر هو جاهل به ولكنه على الاستفهام الإنكاري أو التوبيخي.
يقول سيبويه : وحدثنا بعض العرب أن رجلا من بني أسد قال يوم جبله ـ واستقبله بعير أعور فتطير منه ـ فقال : يا بني أسد «أعور وذا ناب؟» كأنه قال :
أتستقبلون أعور وذا ناب ، ومثل ذلك قول هند بن عتبة :
أفي السّلم أعيارا جفاء وغلظة |
وفي الحرب أشباه الإماء العوارك |
أي تنقّلون وتلوّنون مرّة كذا ، ومرّة كذا ، وقال الشاعر :
أفي الولائم أولادا لواحدة |
وفي العيادة أولادا لعلّات (٣) |
نصب أولادا بإضمار فعل ، كأنّه قال : أتثبتون مؤتلفين في الولائم ، ونصب أولادا الثانية بإضمار فعل ، كأنه قال : أتمضون متفرقين.
٨ ـ ما وقع من المصادر توكيدا للجملة :
وذلك مثل قولك : «هذا زيد حقا» لأنك لما قلت : هذا زيد إنّما خبّرت بما هو عندك حقّ ، فأكّدت هذا المعنى بقولك : «حقّا» وحقّا مصدر منصوب مؤكّد للجملة.
ويقول سيبويه في كتابه :
«هذا باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله» وذلك قولك : «هذا عبد الله حقّا» و «هذا زيد الحقّ لا الباطل» و «هذا زيد غير ما تقول».
ويقول سيبويه : وزعم الخليل رحمهالله ـ أي قال ـ إن قوله : «هذا القول لا قولك» إنّما نصبه كنصب «غير ما تقول» لأنّ «لا قولك» في ذلك المعنى ألا ترى أنّك تقول : «هذا القول لا ما تقول» فهذا في موضع نصب.
__________________
(١) المنحاز : آلة الدق.
(٢) الشاهد فيه : طيّ المحمل ، والمحمل : علّاقة السيف وإنما نصب طيّ بإضمار فعل دلّ عليه أي إنه طوي طيّ المحمل.
(٣) وورد في اللسان بغير نسبة ، وروايته ، وفي المآتم ، وأولاد العلات : أولاد الرجل من نسوة شتى.