(٣) الصّفة والعدل (١) :
الوصف ذو العدل نوعان :
(أحدهما) موازن «فعال» و «مفعل» من الواحد إلى العشرة ، وهي معدولة عن ألفاظ العدد والأصول مكررة ، فأصل «جاء القوم أحاد» أي جاؤوا واحدا واحدا ، فعدل عن «واحد واحد» إلى «أحاد» اختصارا وتخفيفا ، وكذا الباقي.
ولا تستعمل هذه الألفاظ إلّا نعوتا نحو : (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٢).
أو أحوالا نحو : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٣).
أو أخبارا نحو «صلاة اللّيل مثنى مثنى» والتّكرار هنا لقصد التّوكيد ، لا لإفادة التّكرير ، إذ لو اقتصر على واحد وفّى بالمقصود.
(النوع الثاني) لفظ «أخر» في نحو «مررت بنسوة أخر» فهي جمع «أخرى» أنثى آخر ، بمعنى مغاير ، وقياس «آخر» من باب اسم التّفضيل أن يكون مفردا مذكّرا مطلقا ، في حال تجرّده من أل والإضافة (٤) ، فكان القياس أن يقال : «مررت بامرأة آخر» و «برجلين آخر» و «برجال آخر» و «بنساء آخر». ولكنّهم قالوا : «أخرى» و «أخر» و «آخرون» و «آخران» ففي التّنزيل : (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى)(٥)(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٦) ، (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ)(٧)(فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما)(٨) فكلّ من هذه الأمثلة صفة ومعدولة عن آخر.
وإنما خصّ النّحاة «أخر» بالذكر ، لأنّ «آخرون» و «آخران» يعربان بالحروف وأمّا «آخر» فلا عدل فيه وامتنع من الصرف للوصف والوزن وأمّا «أخرى» ففيها ألف التّأنيث فبها منعت من الصّرف.
فإن كانت «أخرى» بمعنى آخرة ، وهي المقابلة للأولى نحو : (قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ)(٩) جمعت على «أخر» مصروفا ، لأنّه غير معدول ، ولأنّ مذكّرها «آخر» بكسر الخاء مقابل أوّل بدليل قوله تعالى : (وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى)(١٠) أي الآخرة بدليل (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ
__________________
(١) العدل : هو تحويل اللفظ من هيئة إلى أخرى لغير قلب أو تخفيف أو إلحاق.
(٢) الآية «١» من سورة فاطر «٣٥».
(٣) الآية «٣» من سورة النساء «٤».
(٤) انظر اسم التفضيل.
(٥) الآية «٢٨٢» من سورة البقرة «٢».
(٦) الآية «١٨٤» من سورة البقرة «٢».
(٧) الآية «١٠٢» من سورة التوبة «٩».
(٨) الآية «١٠٧» من سورة المائدة «٥».
(٩) الآية «٣٨» من سورة الأعراف «٧».
(١٠) الآية «٤٧» من سورة النجم «٥٣».