العاقل لم يصح وقد يدخل عليها حرف الجرّ فلا يغيرها عن الجزاء نحو : «بمن تؤخذ أوخذ به.
وقد تكون «من» الجزائية بمعنى الذي إذا قصدت بها ذلك ، حينئذ يرتفع ما بعدها نحو «من يأتيني آتيه» كما يقول سيبويه وعلى ذلك قول الفرزدق :
ومن يميل أمال السيف ذروته |
حيث التقى من حفافي رأسه الشعر (١) |
من الموصولة : وهي في الأصل للعاقل نحو : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(٢).
وقد تكون لغير العاقل في ثلاث مسائل :
(إحداها) أن ينزّل غير العاقل منزلة العاقل نحو قوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)(٣) وقول امرىء القيس :
ألاعم صباحا أيّها الطّلل البالي |
وهل يعمن من كان في العصر الخالي |
فأوقع «من» على الطّلل وهو غير عاقل ، فدعاء الأصنام في الآية ، ونداء الطّلل سوّغ استعمال «من» إذ لا يدعى ولا ينادى إلّا العاقل.
(الثانية) أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه «من» نحو قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)(٤) لشموله الآدميّين والملائكة والأصنام ، ونحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(٥).
(الثالثة) أن يقترن بالعاقل في عموم فصل ب «من» الموصولة ، نحو : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ)(٦) فأوقع «من» على غير العاقل لمّا اختلط بالعاقل. وقد يراد ب «من» الموصولة المفرد والمثنّى والجمع المذكّر والمؤنّث ، فمن ذلك في الجمع قوله عزوجل : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) وقال الفرزدق في الاثنين :
تعش فإن عاهدتني لا تخونني |
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان |
وفي المؤنث قرأ بعضهم : ومن
__________________
(١) الآية «١٧» من سورة النحل «١٦».
(٢) الآية «١٨» من سورة الحج «٢٢».
(٣) الآية «٥» من سورة الأحقاف «٤٦».
(٤) الآية «٣١» من سورة الأحزاب «٣٣».
(٥) الآية «٧» من سورة الأحزاب «٣٣».
(٦) الآية «٤٥» من سورة النور «٢٤».