لا يبعدن قومي الذين هم |
سّمّ العّداة وآفة الجزر |
|
النّازلين بكلّ معترك |
والطيّبون معاقد الأزر |
ورفع الطّيبين لرفع سمّ العداة في البيت قبله ، وقال سيبويه : وزعم يونس أنّ من العرب من يقول : النّازلون بكلّ معترك ، والطّيبين ـ أي أنه جعل الطيبين ـ هي المنصوبة على المدح. ومثله قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ...)(١) إلى قوله سبحانه : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ)(٢).
المنصوب على الذّم والشّتم وما أشبههما : تقول : «أتاني زيد الفاسق الخبيث» لم يرد إلّا شتمه بذلك ، وقرأ عاصم قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بنصب حمّالة على الذم ، والقراءات الأخرى برفع حمّالة على الخبر لامرأته ، وقال عروة الصّعاليك العبسي :
سقوني الخمر ثمّ تكنّفوني |
عداة الله من كذب وزور |
وقال النابغة :
لعمري وما عمري عليّ بهيّن |
لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع (٣) |
|
أقارع عوف لا أحاول غيرها |
وجوه قرود تبتغي من تجادع (٤) |
وقال الفرزدق :
كم عمّة لك يا جرير وخالة |
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري (٥) |
|
شغّارة تقذ الفصيل برجلها |
فطّارة لقوادم الأبكار (٦) |
المنقوص وإعرابه : (= الإعراب ٤).
مه : اسم فعل أمر مبنيّ على السّكون ومعناه اكفف عمّا أنت فيه ، وإذا نوّنته فمعناه انكفف انكفافا ما في وقت مّا.
وهي لازمة غير متعدّية.
مهما الجازمة لفعلين : هي اسم على أشهر الأقوال ، لأنّ الضمير عاد عليها في قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها) وهي ها من بها ، وهي بسيطة لا مركبة من مه وما الشرطيّة.
(انظر جوازم المضارع ٦).
__________________
(١) تجادع من المجادعة : المشاتمة ، وأصلها من الجدع : وهو قطع الأنف والأذن.
(٢) الآية «٢١١» من سورة البقرة «٢».
(٣) الفدعاء : معوجة الرسغ من اليد والرجل ، والعشراء : الناقة حملت عشرة أشهر ، يصف نساء جرير بأنهن راعيات له يحلبن عشارة.
(٤) إنما تلزم المطابقة فيما يطابق لفظه معناه من الموصولات كالذي وأخواته ، أما «من وما» إذا قصد بهما غير المفرد المذكر فيجوز فيهما حينئذ وجهان : مراعاة اللّفظ وهو الأكثر نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ومراعاة المعنى نحو (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) ويجري الوجهان في كلّ ما خالف لفظه معناه كأسماء الشرط والاستفهام ، إلا أل الموصولة فيراعى معناها فقط لخفاء موصوليّتها ـ هذا إذا لم يحصل لبس ، وإلا وجبت المطابقة نحو : «تصدّق على من سألتك» ولا تقل من سألك : أو لقبح ك : «جاء من هي بيضاء» ولا تقل : هو لتأنيث الخبر ، ويترجح إن عضده سابق كقول جران العود.
وإنّ من النّسوان من هي روضة |
تهيج الرياض قبلها وتصوّح |
(٥) الآية «٥٤» من سورة النجم «٥٣».
(٦) الشغّارة : التي ترفع رجلها تضرب الفصيل لتمنعه الرضاع تقذ : من الوقذ : وهو أشدّ الضرب فطارة : من الفطر وهو القبض على الضرع.