قولك : «مررت ببرّ ملء قدحين» وكذلك «مررت برجلين مثل رجل». في الغناء ، كقولك : «مررت ببرّين ملء قدح» وتقول : «مررت برجل مثل رجل» ومنه «مررت برجل صالح بل طالح» و «ما مررت برجل كريم بل لئيم» أبدلت ـ أي ببل ـ الصفة الآخرة من الأولى ، وأشركت بينهما ـ أي بالعطف ـ بل في الإجراء على المنعوت (١) ولكنّه يجيء على النّسيان أو الغلط ـ أي ببل ـ فيتدارك كلامه ، ومثله : «ما مررت برجل صالح ولكن طالح» أبدلت الآخر ـ أي النّعت الآخر ـ من الأول ـ أي من النعت الأول ـ فجرى مجراه في بل. ولا يتدارك ب «لكن» إلّا بعد النفي ، وإن شئت رفعت على ـ تقدير ـ هو في «لكن» و «بل» فقلت «ما مررت برجل صالح ولكن طالح» ـ أي هو طالح ـ و «ما مررت برجل صالح بل طالح» أي هو طالح ، من ذلك قوله عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(٢) ويقول سيبويه : واعلم أنّ «بل ولا بل ، ولكن» يشركن بين النّعتين فيجريان على المنعوت كما أشركت بينهما «الواو ، والفاء ، وثمّ ، وأو ، ولا ، وإمّا».
أمّا الاستفهام ، فله الصّدارة فلا يعمل فيه ما قبله ، تقول : «ما مررت برجل مسلم فكيف راغب في الصدقة» بمنزلة : فأين راغب في الصدقة ، على حدّ قول سيبويه.
٤ ـ موافقة النعت لمنعوته في التّعريف :
يقول سيبويه «هذا باب مجرى نعت المعرفة عليها». ثم يقول : واعلم أنّ المعرفة (٣) لا توصف إلّا بمعرفة : كما أنّ النّكرة لا توصف إلّا بنكرة ، واعلم أنّ العلم الخاصّ من الأسماء يوصف بثلاثة أشياء : بالمضاف إلى مثله وبالألف واللّام ، والأسماء المبهمة وهي ـ أسماء الإشارة ـ فأما المضاف فنحو : «مررت بزيد أخيك» والألف واللام نحو «مررت بزيد الطّويل» وما أشبه هذا من الإضافة
__________________
(١) أي بإتباعه بالحركات والتذكير أو التّأنيث ، والتعريف أو التنكير. والإفراد أو التّثنية أو الجمع.
(٢) أي المضاف إلى المعارف كالمضاف إلى الضمير.
(٣) وذكر سيبويه بأول بحثه المعارف بقوله :
فالمعرفة خمسة أشياء : الأسماء التي هي أعلام خاصة ، والمضاف إلى المعرفة إذا لم ترد معنى التنوين والألف واللام والأسماء المبهمة ـ وهي اسم الإشارة ـ والإضمار.