في هذا البيت يراد بها أحد الشّيئين ، فاضّطر الشاعر فحذف «ما» فبقيت «إن» والمعنى : فإمّا. ومثله قول النّمر بن تولب
سقته الرّواعد من ضيّف |
وإن من خريف فلن يعدما |
قال سيبويه : يريد : وإمّا من خريف.
وقال الأصمعي : «إن» ههنا بمعنى الجزاء ، أراد : وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّيّ ، وبهذا القول أخذ المبرّد وقال :
لأنّ «إمّا» تكون مكرّرة ، وهي ههنا غير مكرّرة ، ويجب على قول الأصمعي : أنّه يعدم الرّيّ ، لأنه قال : وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّي. فكأنّه يعدم الرّي إن لم يسقه الخريف.
كما قال الهروي ، وليس هذا مرادا.
أن الزّائدة :
هي التّالية ل «لمّا» الحينية نحو : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ)(١). ومثله قول ليلى الأخيلية :
ولمّا أن رأيت الخيل قبلا |
تباري بالخدود شبا العوالي |
والواقعة بين الكاف ومجرورها كقول كعب بن أرقم اليشكري :
ويوما توافينا بوجه مقسّم |
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم |
أو بين فعل القسم ولو ، كقول المسيّب ابن علس :
فأقسم أن لو التقينا وأنتم |
لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم (٢) |
أن المخفّفة من الثّقيلة :
هي الواقعة بعد علم نحو (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٣).
وأجرى سيبويه والأخفش : «أن» هذه بعد الخوف مجراها بعد العلم ، لتيقّن المخوف نحو «خفت ألّا تفعل» و «خشيت أن تقوم» ومثل ذلك أن تقع بعد نحو «أكثر قولي أن بكر ظريف» ومثله «أوّل ما أقول أن بسم الله الرّحمن الرّحيم». ومثله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٤).
أمّا الواقعة بعد الظّنّ فالأرجح أن تكون ناصبة ، لذلك أجمع القراء عليه في قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(٥). ويجوز اعتبارها مخفّفة كقراءة : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ)(٦).
__________________
(١) الآية «٩٦» من سورة يوسف «١٢».
(٢) الرواية الصحيحة «وأقسم لو أنا التقينا» ولا شاهد فيه.
(٣) الآية «٢٠» من سورة المزمل «٧٣».
(٤) الآية «١٠» من سورة يونس «١٠».
(٥) الآية «٢» من سورة العنكبوت «٢٩».
(٦) الآية «٧١» من سورة المائدة «٥».