يصبح الفكر الشيوعي هو الفكر المسيطر على الساحة الفكرية في المجتمع. والفكر الذي تؤمن به النظرية الرأسمالية يسيطر على كل توجهات المجتمع الرأسمالي. وهكذا ترى ان الافكار تابعة للحكام ، كما ان الاحكام تابعة للاسماء في المصطلح الاصولي. ولتوضيح مقصودنا ، نسرد المثال التالي : ان اخطر كلمة يرهبها النظام الرأسمالي وانصاره هي كلمة (العدالة) ، ولذلك فانك لاترى صدى هذه الكلمة في الساحة الاعلامية او الفكرية او السياسية الرأسمالية. بل يحاول النظام بكل جهد استبدال كلمتي (العدالة الاجتماعية) بـ (الحلم الامريكي) باعتبار ان الفقراء مدانون على فقرهم وفشلهم في جني الاموال ، ولو حظي الفقراء بشيءٍ من الذكاء والمهارة ـ بزعم النظام ـ لما استغرقت رحلتهم من صحراء الاحلام الى شاطئ الواقع وقتاً طويلاً (١). ولذلك فان الاساس الفكري الرأسمالي ـ بزعم النظام ـ ينسجم مع طبيعة الانسان في الجد والعمل. وما الفقير الا فرد متقاعس عن العمل ، مستسلم لقبول الواقع الاجتماعي والاقتصادي. وهذا الاسقاط النفسي بلوم الفقراء على فقرهم ، وتشجيعهم على الايمان بالحظ والمصير المكتوب ، وحتمية القدر يخدم النظام الرأسمالي ؛ لانه يحاول تخدير الفقراء الى أمد غير محدود. ولذلك ، فان أيّة حركة فكرية تحاول ايقاظ الغافلين من غفلتهم ونومهم تواجه باقسى واعنف الوسائل.
والاسلام بكل ابعاده العبادية والاجتماعية يمثل هذه الحركة الموضوعية التي تحاول ايقاظ هؤلاء النائمين من نومهم العميق ، ولذلك فان محاربته
__________________
(١) (اوتيس ديدلي دنكان) وآخرون. الخلفية الاقتصادية ـ الاجتماعية والمكتسبات. نيويورك : المطبعة الاكاديمية ، ١٩٧٢ م.