تستدعي استخدام اقسى وسائل البطش والتنديد. والدليل على ما ذهبنا اليه ، اننا لو اخذنا ديناً آخراً كالهندوسية ، ودرسنا موقف النظام الرأسمالي منه للاحظنا ان النظام لايمانع من اعتناق افراد المجتمع الرأسمالي للهندوسية ولا يعرّض معتنقيها للاضطهاد. والسبب في ذلك ان الهندوسية تؤمن بتناسخ الارواح. فروح الفرد الميت تحل بالتناسخ بافراد عديدين في اوقات مختلفة ، فاذا كان الفرد مطيعاً للتعاليم الهندوسية حلت روحه في جسم احد افراد الطبقة العليا في المجتمع ، واذا كان الفرد عاصياً لتعاليم دينه ، حلت روحه في جسم احد افراد الطبقة الفقيرة (١).
وهذا الدين يقدم للفقراء في المجتمع الرأسمالي سبباً للاعتقاد بان وجودهم ضمن الطبقة الفقيرة انما هو عقاب للارواح العاصية ، ولذلك فانهم لايستطيعون الانتقال بالمرة من الطبقة الفقيرة المحكومة الى الطبقة الثرية الحاكمة ؛ ويقدم للاغنياء سبباً آخر للاعتقاد بان وجودهم ضمن الطبقة الرأسمالية امر ينسجم مع طبيعة الخلق والتكوين ، باعتبار ان الغنى والتوفيق متناغم ومتوافق مع الطاعة والانقياد للدين (٢). ولا شك ان ديناً كهذا ، يسدي للنظام الرأسمالي اعظم خدمة ، لانه يقوم بتخدير الفقراء وابقائهم ضمن حدود الحرمان في طبقتهم الاجتماعية الدنيا ؛ وفي نفس الوقت يقدم خدمة عظمى للطبقة الرأسمالية المتنعمة بالخيرات الطبيعية والبشرية للاستمرار في ظلمها وسحقها الطبقات المحرومة في النظام الاجتماعي.
__________________
(١) (لويس رينو). الهندوسية. نيويورك : مطبعة جورج برازيلر ، ١٩٦٢ م.
(٢) (كارن اسكاسين ليونارد). التاريخ الاجتماعي للطبقية في الهند. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة كاليفورنيا ، ١٩٧٨ م.