الطبقة الرأسمالية على انها من انبل قضايا الرجل الابيض (١). وكان هدفها بالاصل ـ بزعمهم ـ رفع غائلة البدائية والمرض والفقر عن رجال المجتمعات المتخلفة ، ورفع علم الحضارة والتقدم في ثنايا تلك المجتمعات. وربما اعتقد فقراء المجتمع الرأسمالي في الماضي ان ادعاءات الرجل الاوروبي الابيض فيما يتعلق بفقراء العالم صحيحة ، ولكن تبين لهم فيما بعد ان الذي استعبدهم لقرون طويلة لايمكن ان يعدل مع افراد آخرين يختلفون عنه في الجنس واللغة والدين. فطمع الرأسمالي يطغي على كلّ القيم الانسانية ، وعلى كل الاخلاق والاعراف الشريفة.
وأخيراً , فان فحول المدرسة الرأسمالية الحديثة يؤمنون بان انعدام المساواة عامل مهم في حفظ حيوية المجتمع الرأسمالي , باعتبار ان الحياة ربح وخسارة. فالرابح يحصل على جائزته , والخاسر لا يحصل على شيء ، بل عليه ان يتنازل بشيء من جهوده للفرد الرابح (٢). ومع ذلك فان للافراد جميعا ـ بادعاء النظرية ـ فرصاً متساوية لتحسين وضعهم الاجتماعي. فكل فرد يملك فرصة مناسبة ليصبح غنياً وينتقل صعوداً الى الطبقة الرأسمالية. ولكن الحقيقة المرّة التي لا تعترف بها النظرية الرأسمالية هي ان الكثير من الافراد في المجتمع الرأسمالي يبذلون جهدهم ويصبون عرقهم ، ولكنهم لا يصلون الى مستوى الطبقة الرأسمالية ؛ بل تبقى الاكثرية ضمن طبقتها الاجتماعية التي حددها لها النظام سابقاً. اما الذين يطمحون ولكنهم
__________________
(١) (جوزيف كونراد). قلب الظلام. نيويورك : سانت مارتن ، ١٩٨٩ م.
(٢) (عمانوئيل ولرستاين). اقتصاد العالم الرأسمالي. نيويورك : مطبعة جامعة كامبردج ، ١٩٧٩ م. وايضاً : (ماكس وبر). الاقتصاد والمجتمع. نيويورك : بدمنستر ، ١٩٦٨ م. الطبعة الاصلية عام ١٩٢٢ م.