على دفع حقوق الفقراء والمساكين. بمعنى ان الله سبحانه قد جعل للفقراء حقاً في اموال الاغنياء كحق غرماء الميت المتعلق بتركته ، فان امتنع الغني عن اداء ذلك الحق ، كان للحاكم الشرعي او لعدول المسلمين من باب الحسبة استيفاء ذلك الحق قهراً. وليست الضريبة الواجبة من زكاة وخمس وكفارات وزكاة فطر وهدي هو كل ما يقدمه الاسلام للفقراء ، بل ان الانفاق المستحب وصدقة السر تسد جزءاً كبيراً من حاجاتهم ايضاً ، الى حد الكفاية والغنى.
وبالاجمال ، فان الاسلام عالج مشكلة الفقر بالخطوات التالية : اولاً : أمر بفرض ضريبة ثابتة على اموال الاغنياء. ثانياً : اعطى الفقراء حد كفايتهم من الناحية المعيشية مما يوفر فرصاً حقيقية لالتحاقهم بالطبقة المتوسطة. ثالثاً : حث على الانفاق المندوب ، وشجع على السخاء والكرم في العطاء. رابعاً : أمر بتحريك المال الصامت لتنشيط الطاقات والابداعات المختلفة في النظام الاجتماعي. فلا ريب اذن ان يثق الاسلام ثقة مطلقة بنظامه الاجتماعي الذي عالج فيه مشكلة الفقر معالجة حقيقية ، كما يشير الى ذلك قول الامام الصادق (ع) : « لو ان الناس ادوا زكاة اموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً » (١).
وبكلمة ، فقد جعل الاسلام مشاركة الفقراء اموال الاغنياء ، وسيلة واقعية لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ، وإلحاق هؤلاء الفقراء بالطبقة المتوسطة الواحدة في المجتمع الاسلامي ، كما ورد في روايتين لأبي بصير ؛
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٣.