عند سؤاله الامام جعفر بن محمد (ع) ، المذكور آنفاً ، ان المعيل الذي يربح ربحاً يكفي اشباع نفسه وعائلته ويزيد قليلاً ، يجوز له اخذ الزكاة للارتفاع به وبعائلته عن مجرد اشباع الحاجة الاساسية الى مستوى الطبقة الوسطى المعتدلة الرفاه.
وفي الوقت الذي يدعو فيه الاسلام الى اشباع حاجات الفقراء والارتفاع بهم الى مستوى الطبقة العامة من الناس فانه يحرم اعطاء الصدقة للمتكاسلين الذين يحترفون البطالة والخمول والتسكع ، لان منهج الاسلام الديني يحث الافراد على العمل وبذل الجهد والطاقة ، حيث يجعل العمل البدني ، بقصد الارتواء من خيرات الارض ، عبادة عظمى يثاب عليها الانسان في حياته الابدية. وضمن اطار هذا المنهج ، فانه يحث المكلفين على التعفف عن سؤال الناس الا لحاجة حقيقية ؛ لان التكليف يسقط في الحالات الاضطرارية. ولا شك ان الفرد الجائع يمثل إدانة حقيقية للنظام الاجتماعي الذي يعيش فيه ، خصوصاً اذا كان ذلك النظام يساهم في تجويعه وحرمانه من ابسط مقومات الحياة. ولما كان الاسلام يمثل جوهر العدالة الاجتماعية فانه يعتبر من اخطر الانظمة الفكرية المضادة للنظام الاجتماعي الرأسمالي الذي يحصر الثروة الاجتماعية بالطبقة العليا ، غير مكترث بحرمان افراد الطبقات المعدمة من خيرات النظام الاجتماعي.