الغربية.
ولا بد لنا من التأكيد على قضية مهمة وتكرارها مراراً ، وهي ان مناطق الفراغ التشريعي الخاصة بشروط التغير الاجتماعي والتي تركتها الشريعة للفقهاء المجتهدين بقصد مسبق ، انما تملأ عن طريق ملاحظة الارتكاز العقلائي. باعتبار ان الشريعة امضت الارتكاز العقلائي الذي يصاحب التغيير الاجتماعي المستمر على مدى السنين. فالعدالة الاجتماعية ضرورية للافراد والدولة ، الا ان تحديد تفصيلاتها الدقيقة ـ في غير ما ذكر في المفردات الفقهية ـ يرجع الى الارتكازات العقلائية التي يلحظها الفقيه خصوصاً فيما يتعلق باشباع الحاجات الأساسية للأفراد التي لم تكن موجودة في عصر الرسالة كالنقل والتطبيب والتعليم المدرسي العام.
أضف الى ذلك ان العدالة الاجتماعية لا تقتصر على اشباع الحاجات الغريزية ، بل تتعدى الى العدالة الحقوقية في افساح الفرص لجميع الافراد لاستثمار الخيرات الاجتماعية ، وفي حرية التعبير ايضاً. وحتى ان افكار بعض الفلاسفة الاوروبيين امثال (دي دي رافائيل) و (كريكي فالدستوس) (١) ، حول العدالة الاجتماعية المثالية بتصحيح اختلاف قابليات الافراد وقدراتهم الطبيعية عن طريق تشريع سياسة اجتماعية تقلّل من المكافآت الاجتماعية والاقتصادية التي يستلمها هؤلاء ، فيها الكثير من الاخطاء. لأنّنا لا نستطيع ان نمحي التفاضل الاجتماعي بين الافراد على اساس قابلياتهم الإبداعية ،
__________________
(١) (ساند فورد لاكوف). المساواة في الفلسفة السياسية. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفارد ، ١٩٦٤ م.