الحقول والمصانع ، والطبقة الارستقراطية ينبغي ان تتميز عن الطبقة الوسطى ، والطبقة الغنية ينبغي ان تترفع عن الطبقة الفقيرة (١) ؛ وهو تأكيد واضح على قياس تفاضل الافراد على اساس نسبة رأس المال المملوك ، وليس على اساس نفع العمل وقيمته الاخلاقية للنظام الاجتماعي. وهذا المقياس غير العادل يؤدي في النهاية الى تفضيل الظالم على المظلوم ، والسارق على المسروق ، والباغي على المبغي عليه ، خصوصاً اذا كان الظالم والسارق والباغي اكثر ثروة من المظلوم والمسروق والمبغي عليه ؛ وهو شرخ اخلاقي خطير في النظام الرأسمالي ، واجحاف بحق الفقراء والمستضعفين والمظلومين.
وحتى نستقرئ حجم وابعادَ انعدام العدالة الاجتماعية في النظام الرأسمالي للولايات المتحدة ، لابد لنا من ملاحظة الارقام التالية : ففي الربع الاخير من القرن العشرين يبلغ عدد نفوس الولايات المتحدة ، حوالي مائتين وخمسين مليون نسمة تقريباً ، منهم ستمائة الف مليونير بضمنهم ستة وعشرون بليونير وخمسة وثلاثون مليون شخص ما بين جائع او معدم او مشرد او فقير لايملك قوت سنته ؛ ومن بين هؤلاء تسعون عائلة امريكية غنية تسيطر على نصف ممتلكات امريكا من العقارات والارصدة ووسائل الانتاج ، حيث ترث هذه العوائل هذه الثروة العظيمة جيلاً بعد جيل ، منذ مائتي عام ولحد اليوم (٢). ومن استقراء هذه الحقائق نتساءل : اين ـ اذن ـ
__________________
(١) (اريك اولين رايت). التركيب الطبقي وتعيين الدخل. نيويورك : الاكاديمية ، ١٩٧٩ م.
(٢) (جي. وليام دوموف). من الذي يحكم امريكا الان؟ انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٨٣ م. وايضا : (جي. وليام دوموف). الدوائر العليا. نيويورك : راندوم ـ هاوس ، ١٩٧٠ م.