على ان العوائل الحاكمة في اوروبا كانت تُكره الناس على حرمة التفكير بالصعود الى منزلتها الاجتماعية المتميزة. لانها ـ حسب زعمها ـ ملهمة ومسددة من قبل الخالق عز وجل ، وما على الافراد الا الطاعة والتسليم (١). وعلى ضوء هذا التمايز تُسيّر دفة النظام الرأسمالي. حيث يعكس تصميم هذه الانظمة القائمة على فكرة تمايز الطبقات ، التوزيع غير العادل للثروة. فرفعة المنزلة الاجتماعية التي يتمتع بها الفرد الرأسمالي تعكس تراكماً لمواد عينية ونقدية تصبح ـ لاحقاً ـ السبب في البذخ وتجاوز حدود سد الحاجة الطبيعية للانسان.
والمقياس في الرأسمالية الامريكية ، ان وجاهة الفرد الاجتماعية تحدد بموجب الدخل السنوي الذي يتقاضاه ، لا بمقتضى نوعية العمل الذي يقدمه للنظام الاجتماعي (٢). وعلى ضوء ذلك فقد صمم النظام الاقتصادي على اساس ان الفرد حر في استخدام وسائل الانتاج لاستدرار اقصى ما يمكن استدراره من الخيرات ، فاذا تراكمت الثروة لديه ارتقى الى مستوى اعلى في السلم الاجتماعي ، وعندها يمسك بزمام القوة السياسية ويحتل الصدارة الاجتماعية.
ولم تتوقف الفكرة الرأسمالية عند هذا الحد ، بل اعتبرت تلازم المنزلة الاجتماعية في النظام الرأسمالي بنظام الطبقات ونظام العمل امراً طبيعياً. فطبقة رجال الاعمال والمستثمرين ينبغي ان تتميز عن طبقة العمال في
__________________
(١) (بيث فانفوسين). تركيبة الظلم الاجتماعي. بوستن : ليتل براون ، ١٩٧٩ م.
(٢) (مايكل اوسيم). الدائرة المغلقة : المؤسسات العملاقة وظهور النشاط السياسي التجاري في الولايات المتحدة وبريطانيا. نيويورك : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٨٤ م.