نفس المذهب. حيث تقوم كنائس الطبقة الرأسمالية البروتستانتية بخدمة المتعبّدين الاثرياء خدمة رقيقة ، مبشرة اياهم بالجنان التي صنعها الخالق عز وجل لهم في الحياة الآخرة ؛ بينما تقوم كنائس الطبقة البروتستانتية الاضعف مالياً بدعوة الناس الى قبول النظام الاجتماعي والسياسي القائم باعتباره نظاماً مباركاً من قبل الله عز وجل ، مذكرة اياهم بان رفضه يمثل رفضاً للدين والحياة الروحية. وما شعار (بارك الله في امريكا) الذي تستخدمه الحكومة الرأسمالية في المناسبات الرسمية ، الا شعار ديني ينبع من اصل الفكرة البروتستانتية الداعية الى اطاعة النظام الاجتماعي القائم على اساس الرأسمالية (١).
وعلى الصعيد العائلي ، فان الطبقة الرأسمالية لا تعاني من مشاكل الطلاق وما يترتب عليها من ازمات نفسية واقتصادية ، كما هو الحال في الطبقة الفقيرة ؛ بل ان اهمال النظام السياسي لهموم الطبقة الفقيرة ، سبب زيادة نسب حالات الطلاق في تلك الطبقة الى درجة ان تلك المشكلة اصبحت تهدّد اصل وجود الفقراء (٢). ولاشك ان اول نتيجة مدمرة للطلاق هو تشريد الاطفال ، وجعلهم عرضة للانحراف الاجتماعي. وطالما كانت هذه المشكلة الاجتماعية مطوقة ضمن حدود الطبقة الفقيرة ، فان النظام السياسي الرأسمالي لا يعتبرها مشكلة خطيرة ؛ بل يعتبرها ـ في واقع الامر ـ قضية صحية على الصعيد السياسي لانها تبعد الفقراء عن السلطة
__________________
(١) (ماكس وبر). الاخلاقية البروتستانتية والروحية الرأسمالية. نيويورك : سكرايبنرز ، ١٩٥٨ م.
(٢) (اندريو جيرلن). الزواج ، الطلاق ، ثم الزواج مرة اخرى. كامبردج : مطبعة جامعة هارفارد ، ١٩٨١ م.