وعلى الصعيد الصحي ، فان الطبقة الرأسمالية تتمتع اجمالاً بافضل الخدمات الصحية ، ويعيش افرادها عمراً مديداً يتجاوز اعمار افراد الطبقات الأخرى (١). بل ان اغلب الامراض العقلية في النظام الاجتماعي تنتشر بين افراد الطبقة الفقيرة. وتنتشر ايضا بين افراد الطبقاة المعدمة امراض القلب والسرطان بنسبة تزيد على انتشارها بين افراد الطبقات الاخرى من ذوي الدخل المرتفع. ويعزى قلة انتشار الامراض بين افراد الطبقة الرأسمالية الى عاملين ، الاول : حسن التغذية ، والثاني : توفر اسباب الأمان في مراكز الاعمال التي يؤديها هؤلاء الأفراد. اضف الى ذلك ان الجهاز الصحي في النظام الرأسمالي الامريكي قائم على مبدأ النظام التجاري ؛ فالخدمات الشفائية تقدم على اساس المنفعة التجارية البحتة. فلو افترضنا ان الغني يستطيع ان يستلم افضل الخدمات الشفائية لانه يدفع اجراً أعلى ، تبين لنا ان الفقير محكوم عليه بالمرض والموت لانه لا يستطيع ان يدفع اجراً يطرد به الآلام والمعاناة والنوازل التي تنزل به وبافراد أسرته (٢). فالاغنياء يشرون حياتهم وصحتهم وحياة اسرهم بثرواتهم المتراكمة ، بينما يجود الفقراء بنفوسهم ، لا لأنّهم عاجزون عن درء الاذى عن اجسادهم بل لفساد النظام الاجتماعي الذي بنيت عليه الفكرة الرأسمالية ، التي تؤمن بكل قوة بمعيار المصلحة الشخصية والمنفعة التجارية الصرفة.
وعلى صعيد تربية الاطفال ، فان التربية الغربية تتلوّن بلون الطبقة
__________________
(١) (هاورد ويتكن). المرض الثاني : تناقضات المرض الصحي الرأسمالي. شيكاغو : مطبعة جامعة شيكاغو ، ١٩٨٦ م.
(٢) (كريك دنكان). « من الذي يسبق؟ ومن الذي يبقى في المؤخّرة؟ ». مقالة علمية في المجلة (الاحصائية السكانية الامريكية) ، عدد ٤ ، ١٩٨٢ م. ص ٣٨ ـ ٤١.