الصخور العظيمة التي مررنا بها وتقطع النهر في أكثر من موضع وهي أشبه ما تكون بالحواجز. ومن المؤكد أن هذه الحواجز قديمة ، فلقد رأيت في مواضع عديدة من تلك الصخور مسامير مثبتة فيها لها رؤوس متجهة عكس مجرى الماء ، وبعض تلك المسامير كانت كبيرة جدّا. وهي مغمورة تحت الماء بمقدار ذراعين ، وقيل لي أن ذلك هو من عمل الأقدمين الذين إذا داهمهم الأعداء في سفن منحدرة مع مجرى الماء تصطدم بهذه الحواجز المخفية ولا بد لها أن تغرق.
ولما كنا قد أدينا ما علينا من رسوم في تلك المدينة ، وهي ست بندقيات (وهي العملة كما أسلفنا) ، وقطعتين من فئة المويدي (١) عن كل سفينة ، لأن هذا هو المبلغ المحدد عن أي نوع من البضائع.
في صباح اليوم الخامس من الشهر المذكور رحلنا من
__________________
(١) قيل نسبة إلى المؤيد شيخ من مماليك مصر (١٤١٢ ـ ١٤٢١) ذكرها المقريزي في : كتاب النقود القديمة الإسلامية ، تحقيق الأب انستاس الكرملي (القاهرة ـ ١٩٣٩) ص ٦٣. واختصر الناس هذه اللفظة حتى تشوهت فكتبها بالبي وغيره من الرحالين «مدين» فظن بعضهم أنها أسم نقد (يعقوب سركيس : نظرة في كتاب النقود العربية وعلم النميات) مجلة المجمع العلمي العراقي ١ / ١٩٥٠ ، ص ٢٩٢ ؛ بينما أرجعها البعض إلى كلمة معدن أو معدني على قول عباس العزاوي : تاريخ النقود العربية ، بغداد ١٩٥٨ ، ص ١٦٦.