سامقة إلى عنان السماء ، أما شرفاتها فقد تهاوت على الرض. وقد أخبرنا الملاحون أن في ذلك المكان كانت تقوم بلدة كمدن اليابسة لكنها سقطت على أثر زلزال مدمر فطمست أسسها في النهر على الحالة التي رأيناها.
ثم نظرنا إلى الشاطئ الأيسر فرأينا برجا ، وأخبرنا الرجال أن الناس الذين نجوا من كارثة الزلزال الذي ذكرناه قبل قليل قد شيدوا حصنا هناك وسكنوا فيه مدة طويلة من الزمن ، لكنه لم يلبث أن تهدم فتركه ساكنوه وتفرقوا.
بقينا هناك بإنتظار إحدى سفننا التي تأخرت في عنه ، فأنضمت إلينا في الخامس عشر من الشهر. وفي الساعة الرابعة صباحا انتقلنا من هناك تاركين على الضفة اليسرى غابة نخل وموضعا مأهولا بالسكان وعددا من النواعير. كما مررنا بمواضع ضيقة في النهر لأنها مسدودة بحجارة ، ولهذا السبب كانت المياه تجري بسرعة ، وكان الملاحون يبحثون بجهد كبير عن الممر المائي بين تلك الصخور ، لأن تلك الممرات كانت ضيقة جدّا بحيث لا تمر المراكب إلا بصعوبة بالغة ولا مفر من ملامستها الصخور. ولكننا عبرنا تلك الممرات الستة بسلام بعون الله وبفضل مهارة الملاحين ، وتخلصنا منها نحو الساعة السادسة من النهار.
__________________
والحضارة ، المرحلة الأولى ، بغداد ـ ١٩٦٢ ، ص ١٩ ـ ٢٠.