لقد تركنا الفرات الذي تكثر فيه طيور الكركي وبنات الماء (١) والبلشون والنورس والبلقشة وغيرها (٢).
يقول العرب ـ ممن كانوا بصحبتنا ـ أن فرعا من الفرات يصب في نهر دجلة قرب البصرة ، والفرع الآخر يصب في الخليج لنحدر من ثم إلى هرمز (٣) من جملة الأسماك ويسمى «سمك فراتي» إنه لذيذ جدّا ، وأصلح الأنواع قاطبة. ويصطادون منه كميات كبيرة على ضفتي النهر ، فيعتاش منه كلهم : الملاحون والفلاحون على السواء ، وكذلك الناس الذين يقال لهم «كرجي» (٤) وهم مسلمون أيضا ، منهم عرب يعيشون على السلب ، ومنهم تركمان وهؤلاء لا يسرقون لكنهم يعادون العرب الغزاة.
وهكذا وصلنا إلى الفلوجة. وعندها نفحنا الرجل الذي دق وتدا في الأرض وربط سفننا به أكرامية قدرها أربع شاهيات وثلاث قطع منفئة المؤيدي.
__________________
(١) ويقال له البيوضي وهو نوع من مالك الحزين شديد البياض له جمة مرغوب بها (معجم الحيوان لأمين معلوف ، ص ٩٦).
(٢) المرجع نفسه.
(٣) من المحتمل أن يكون هذا كري سعدة فقد كان فرعا من الفرات يخرج من جنوب هيت ويشق البادية إلى الأخيضر ثم إلى الحيرة ثم مدينة الزبير الحالية ويصب في خور الزبير مباشرة. وهو مندرس حاليّا (قاله الأستاذ فرحان أحمد مشكورا).
(٤) هل يشير يا ترى إلى الأكراد كما تقترح السيدة بينتو؟ لا أظن ذلك لأنه يقول : «منهم عرب ... ومنهم تركمان».