لو كان ما يدّعيه نوح حقّا لما وقع في وعد ربّه خلف ، ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه ، وقال : يا نوح ، الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرح الحقّ عن محضه ، وصفا [الأمر والإيمان] من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة ، فلو أنّي أهلكت الكفّار وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لما كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك بأن أستخلفهم في الأرض ، وامكّن لهم دينهم ، وابدّل خوفهم بالأمن ، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشكّ من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا ، وخبث طينهم ، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة ، فلو أنّهم تسنّموا منّي الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، [و] تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم ، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة ، والتفرّد بالأمر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلا ()(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا).
قال الصادق عليهالسلام : وكذلك القائم ، فإنّه تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا