__________________
يجتمع لمشاهدته لعلّ من يقدر على ذلك منهم ، فإذا مشى على الماء وتعجّب الناس منه فجاء آخر قبل أن يتفرّقوا وقال أيضا : أنا أمشي على الماء ، فإنّ التعجّب منه يكون أقلّ من ذلك فمشى على الماء ، فإنّ بعض الحاضرين ربّما يتفرّقون ويقلّ تعجّبهم ، فإذا جاء ثالث وقال : أنا أيضا أمشي على الماء فربّما لا يقف للنظر إليه إلّا قليل ، فإذا مشى على الماء سقط التعجّب من ذلك ، فإن جاء رابع وذكر أنّه يمشي أيضا على الماء فربّما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجّب منه ، وهذه حالة المهدي عليهالسلام ، لأنّكم رويتم أنّ ادريس حيّ موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن ، ورويتم أنّ الخضر حيّ موجود مذ زمان موسى عليهالسلام أو قبله إلى الآن ، ورويتم أنّ عيسى حيّ موجود في السماء ، وأنّه يرجع إلى الأرض مع المهديّ عليهالسلام ، فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم ، وسقط التعجّب بهم من طول أعمارهم ، فهلّا كان لمحمّد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله اسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية لله جلّ جلاله في امّته بطول عمر واحد من ذرّيّته ، فقد ذكرتم ورويتم أنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا؟ ولو فكرتم لعرفتم أنّ تصديقكم وشهادتكم أنّه يملأ الأرض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا أعجب من طول بقائه ، وأقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الله جلّ جلاله لأوليائه ، وقد شهدتم أيضا له أنّ عيسى بن مريم النبيّ المعظّم عليهماالسلام يصلّي خلفه ، مقتديا به في صلاته ، وتبعا له ومنصورا به في حروبه وغزواته ، وهذا أيضا أعظم مقاما ممّا استبعدتموه من طول حياته ، فوافقوا على ذلك ، انتهى».
وقال العلامة سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» ص ٣٧٧ : «وعامّة الإماميّة على أنّ الخلف الحجّة موجود ، وأنّه حيّ يرزق ، ويحتجّون على حياته بأدلّة ؛ منها : أنّ جماعة طالت أعمارهم : كالخضر ، وإلياس ، فإنّه لا يدرى كم لهما من السنين ، وأنّهما يجتمعان كلّ سنة فيأخذ هذا من شعر هذا ، وفي التوراة : أنّ ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة ، والمسلمون يقولون : ألفا وخمسمائة ، ونقل عن محمّد بن إسحاق أسماء جماعة كثيرة رزقوا طول العمر ، وقد أسرد الكلام في جواز بقائه عليهالسلام مذ غيبته إلى الآن ، وأنّه لا امتناع في بقائه ، انتهى».
واستدلّ الحافظ الكنجي الشافعي في كتاب «البيان» : ب ٢٥ على ذلك ببقاء عيسى والخضر وإلياس ، وبقاء الدجّال وإبليس ، وذكر دليلا على بقاء الدجّال ما رواه مسلم في حديث طويل في الجساسة ، انتهى.