__________________
وقد نقل مثل ذلك عن المجوس والبراهمة والبودائيّة وغيرهم. ومن يريد الاطّلاع على أحوال المعمّرين فليطلبها من «البحار» ، وكتاب «المعمّرين» لأبي حاتم السجستاني ، وكتاب «كمال الدين» ، و «كنز الفوائد» في الرسالة الموسومة بالبرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان ، فقد ذكر في هذه الرسالة جماعة من المعمّرين ، وأشبع الكلام في بيان الأدلّة الدالّة على جواز طول الأعمار.
هذا كلّه مع ما ثبت في علم الحياة ، وعلم منافع الأعضاء ، وعلم الطبّ من إمكان طول عمر الإنسان إذا واظب على رعاية قواعد حفظ الصحّة ، وأنّ موت الإنسان ليس سببه أنّه عمّر تسعين أو ثمانين أو غيرهما ، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة ، وقد تمكّن بعض العلماء كما ترى فيما نذكره عن «الهلال» من إطالة عمر بعض الحيوانات ٩٠٠ ضعف عمره الطبيعي ، فإذا اعتبرنا ذلك في الإنسان وقدّرنا عمره الطبيعي (٨٠ سنة) يمكن إطالة عمره (٧٢٠٠٠ سنة). وإليك مقطع من بعض المقالة الّتي نشرتها مجلّة «الهلال» في الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثين ص ٦٠٧ مارس ١٩٣٠ :
كم يعيش الإنسان؟
من قلم : طبيب إنجليزي
يعتقد العامّة وبعض الخاصّة حتّى من الأطبّاء أنّ مدى عمر الإنسان سبعون سنة على المتوسّط كما جاء في التوراة ، وقلّ أن يجاوز ذلك ، وقد وقف رئيس مدرسة طبّيّة ذات يوم خطيبا في تلاميذه ، فقال : إنّ الأدلّة الباثولوجية تدلّ دلالة مقنعة على أنّ أنسجة الجسم تبلى بعد مرور زمان ما ، وأنّ هنالك حدّا محدودا لعمر الإنسان. فإذا صحّ قول هذا المدير فإنّ الأسباب الكثيرة الّتي تنشأ منها دورة العمر هي ثابتة غير متغيّرة دون متناول العلم. ولنفرض أنّ منطقة قنال بناما المشهورة بأمراضها الكثيرة قطعت عن سائر العالم. وكنّا نحن فيها نجهل أحوال الحياة والموت في العالم الّذي وراءها ، لو حدث ذلك لكنّا نقول : إنّ كثرة الوفيات في هذه المنطقة وقصر العمر امور معيّنة بحكم الطبيعة ، وأنّ التحكّم فيها دون متناول العلم. الفرق بين الأمرين هو في الدرجة لا في النوع ، فإنّ جهلنا لأسباب بعض الأمراض هو الّذي يحول دون تقليل الوفيات وإطالة الأعمار في العالم ، ودورة العمر كما نسمّيها متغيّرة ، قابلة لتأثير العلم فيها ، والّذي يعارضني في ذلك أسأله : أيّ دورة من أدوار العمر هي الثابتة؟ دورة العمر في الهند أم في نيوزيلند أم في أميركا أم في منطقة القنال؟ وأيّ الحرف الّتي نحترفها نقول عنها : إنّ