عن جدّه : أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : أبشروا
__________________
بهجة النظر : ف ٦ أخرجه عن النسائي في سننه في باب جامع ما جاء في العرب والعجم وهو آخر باب منه ، التصريح بما تواتر في نزول المسيح : ص ٢٤٧ ـ ٢٥٠ ح ٦٦ مع اختلاف يسير في اللفظ ، إلّا أنّه قال : «ولكن بين ذلك فيج أعوج ، ليسوا منّي ولا أنا منهم» ، وقال في شرحه : الفيج ـ بالياء ـ : بمعنى الفوج ـ بالواو ـ وهو الجماعة ، وإنّما وصفهم النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بالفوج ثمّ تبرّأ منهم لانحرافهم عن الجادّة والسبيل التي جاء بها عليه الصلاة والسلام. وقال ابن الأثير : الفوج : الجماعة من الناس ، والفيج مثله ، وهو مخفّف من الفيّج ، وأصله الواو ، يقال : فاج يفوج فهو فيّج.
أقول : قال ابن الأثير في النهاية مادّة (ثبج) : «فيه : خيار أمّتي أوّلها وآخرها ، وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منه» ، الثبج : الوسط وما بين الكاهل الى الظهر.
وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص ١١٥ بعد ذكر هذا الحديث : والثبج : الوسط ، [وقد جاءت في هذا آثار ، منها : أنّه ذكر آخر الزمان فقال : «المتمسّك منهم يومئذ بدينه كالقابض على الجمر» ، «إنّ الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر» ، وفي حديث آخر أنه سئل عن الغرباء فقال : «الذين يحيون ما أمات الناس من سنّتي»] ، وفي لسان العرب مادّة (ثبج) : «ثبج كلّ شيء : معظمه ووسطه وأعلاه ، والجمع أثباج وثبوج ، ثمّ ذكر الحديث كما في النهاية.
وعلى كلتا النسختين (ثبج وفيج) الحديث يدلّ على مدح الامّة في أوّلها وفي آخرها ، وهو عصر ظهور الدولة العالميّة المهدويّة التي ينزل فيها عيسى ويعيش بينهم ويصلّي بإمامهم المهدي عليهالسلام ، كما يدلّ على ذمّ ما بين ذلك واعوجاج الجماعة والأكثريّة ؛ وذلك لغلبة الملوك أو المتسمّين أنفسهم بالخلفاء ، واستيلائهم على الحكومة والنظام من غير أن يأذن الله لهم ويرضى ، وغير الجماعة والأكثريّة هم الذين ينتظرون ظهور أمر الله ، وإقامة دولة الحقّ بظهور خليفة الله المهدي عليهالسلام ، فلا يصوّبون ما يصدر من الحكّام جورا وعدوانا على الناس ، ولا يعينونهم على المظالم والمآثم ، ولا يتقرّبون إليهم بما يغضب الله تعالى ويرضيهم ، وليس هم إلّا أتباع أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، الذين عملت سياسات هؤلاء الحكّام لإخفاء أمرهم وفضائلهم وما اختصّهم الله به ، ولإبادة هداهم وهدى شيعتهم ، فالثبج الأعوج ، والفيج الأعوج الأكثرية التي تركت منهاج أهل البيت والتمسّك بهم ، وخالفت أحاديث الثقلين المتواترة ، وأحاديث السفينة ، وأحاديث الأمان وغيرها. قال علي القاري في المرقاة :